بازگشت

سنن الهية


ظلم الراعي و الرعية يهلك الحرث و النسل

و من هذا العلم، و بهذه البصيرة و الوعي، شخص عليه السلام طبيعة السنن الالهية و وعاها... السنن التي تتحكم بطبيعة المجتمع و تركيبه وفق المسيرة التي يسيرها أبناؤه، قربا أو بعدا عن الاسلام. و وفق مبدأ العدالة و الاستقامة المبنيين علي المنهج الاسلامي الصحيح لا علي منهج مزور يدعي الاسلام. و القواعد التي يضعها الامام لضمان استقامة المجتمع و توازنه و ديمومته و حيويته مبنية علي نفس القواعد التي يضعها القرآن الكريم و الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، و اذا ما نظرنا الي جميعها، نري وحدة في التصور و الوصف. و قد رأينا حال المجتمعات التي خالفت رسلها و وقفت ضد رسالات السماء و كيف أنها ارتفعت عندما اقتربت من تلك الرسالات و هوت عندما حاربتها و زورتها و وقفت ضدها. و تكاد تشخصيات الامام عليه السلام تكون من الأمور البديهية التي يقرها كل انسان، غير أن الذين لا يسلمون بصحتها و يغمضون أعينهم عنها، يناقشون بنفس المنطق الذي ناقش به من أصر علي الانحراف عنها و انكارها؛ بنفس الطواغيت الذي يدعي الواقعية و الحرص علي وحدة الأمة التي


يحكمها كل واحد منهم، و تحقيق أكبر قدر من المنافع لها. مع أننا لا نستثني طاغية واحدا عمل علي تحقيق ما ادعاه. و لا نجد من حقق منهم لأمته ما دعا اليه بأقواله. فمن من الفراعينة و الأكاسرة و القياصرة و الهراقلة حقق لأمته السعادة و العدل في ظل قانون عادل لم يضعه هو؟.

قال عليه السلام واصفا دولتي العدل و الظلم، و ما الذي يبقي الأولي و ينهي الثانية: (فليست تصلح الرعية الا بصلاح الولاة، و لا تصلح الولاة الا باستقامة الرعية، فاذا أدت الرعية الي الوالي حقه، و أدي الوالي اليها حقها، عن الحق بينهم، و قامت مناهج الدين و اعتدلت معالم العدل و جرت علي اذلالها السنن، فصلح بذلك الزمان و طمع في بقاء الدولة، و يئست مطامع الأعداء. و اذا غلبت الرعية و اليها و أجحف الوالي برعيته اختلفت هنالك الكلمة، و ظهرت معالم الجور و كثر الأدغال في الدين و تركت محاج السنن، فعمل بالهوي و عطلت الأحكام، و كثرت علي النفوس، فلا يستوحش بعظيم حق عطل و لا لعظيم باطل فعل. فهنالك تذل الأبرار و تعز الأشرار و تعظم تبعات الله عند العباد. فعليكم بالتناصح في ذلك و حسن التعاون عليه) [1] .

انه عليه السلام يدعو الوالي و رعيته الي تجنب مواقف الصراع، و متي تبرز هذه المواقف؟ عندما لا ينتمي الوالي الي رعيته، و عندما تشعر هذه أنه ليس منها و أنه يريد امتصاص دمائها. ان حالة من الحرب و المنافسة علي مختلف الجبهات تدور بينهما، حرب قد تكون خفية غير معلنة، لكنها قائمة، تبدو بعض مظاهرها من خلال ممارسات عديدة.

و قد أوضح عليه السلام حق الراعي و حق الرعية في مواضع أخري من كلامه وضع فيها منهاجا مفصلا لحكومة عادلة قائمة علي اساس الاسلام، تحمل معها عوامل ديمومتها و بقائها و نجاحها.


پاورقي

[1] نفس المصدر 477.