معالم الفتن
«ان أخوف الفتن عليكم فتنة بني أمية»
و عندما يصف الامام الحال التي ستؤول اليها الأمة بعد أن تتخلي عن مسؤوليتها بفعل القيادة الخارجة عن الاسلام، و بفعل مثابرة معاوية لايصالها الي ذلك، فانه يصف حالة كل مجتمع اسلامي يتخلي علي الاسلام و يترامي في و هدة الكسل و الركود و التواكل التي تسيطر نتيجة ارتكاب كل ما ينهي عنه الاسلام و تبني قيم و ممارسات غريبة عنه، لتصبح هي القيم و الممارسات السائدة و المسيطرة.
و قد كان المجتمع الاسلامي برمته مهددا بانتشار هذه الحالة التي لم تكن قليلة الانتشار علي أي حال، لذلك فان الامام عندما شخصها هنا، فانه لم يكن بموقف المحاسب المقرع، و انما بموقف المحذر المنبه الذي رأي امامه خطرا داهما، فحاول أن يجنب الأمة كلها هذا الخطر.
(و اعلموا - رحمكم الله - انكم في زمان القائل فيه بالحق قليل، و اللسان عن الصدق كليل، و اللازم للحق ذليل، أهله معتكفون علي العصيان، مصطلحون علي
الأدهان فتاهم عارم و شائبهم آثم، و عالمهم منافق، و قارئهم مماذق. لا يعظم صغيرهم كبيرهم و لا يعول غنيهم فقيرهم) [1] .
فهذا الذي يتحدث عنه الامام حال خطرة من شأنها أن تكون سببا للقضاء علي هذا الدين و ازالته عمليا من علي ساحة الحياة و ان كانت بعض مظاهره لا زالت تلوح هنا و هناك. فكيف لو استمرت هذه الحال. و كيف لو استتبت الأمور لمعاوية و أشباهه و نجح في مسعاه دون معارضة و دون أن يجد أحدا يلفت نظر الأمة الي انحرافه و خطره. و هذا الخطر هو ما كان الامام عليه السلام يحذر الأمة منه دائما بكل وضوح وجلاء. (ألا أن أخوف الفتن عليكم فتنة بني أمية، فانها فتنة عمياء مظلمة، عمت خطتها، و حضت بليتها، و أصاب البلاء من أبصر فيها و أخطأ البلاء من عمي عنها. و أيم الله لتجدن بني أمية لكم أرباب سوء بعدي كالناب الضروس لا يزالون بكم حتي لا يتركوا منكم الا نافعا لهم أو غير ضائربهم. و لا يزال بلاؤهم حتي لا يكون انتصار أحدكم منهم الا كانتصار العبد من ربه و الصاحب من مستصحبه. ترد عليكم فتنتهم شوهاء مخشية و قطعا جاهلية ليس فيها منار هدي و لا علم يري. نحن أهل البيت منها بمنجاة و لسنا فيها بدعاة) [2] .
پاورقي
[1] نهج البلاغة 235 - 503.
[2] نهج البلاغة 235 - 503.