بازگشت

فقدت الأمة هويتها الاسلامية عندما استسلمت لمعاوية


كان من الطبيعي بعد أن استسلمت الأمة لهذا النمط من الحكام، أن تفقد هويتها و كيانها كأمة اسلامية، و تظهر بشكل آخر موقع لا يتمتع بأي قدر من الأصالة أو وحدة الشكل و لا بأية قدرة علي الديمومة و البقاء و الاستمرار. اذ أن مهمة هذا النمط من الحكام تحويل الأمة عن مسيرتها، و مسخ رسالتها و تغييرها بل و محوها ليتسني لهم تحقيق أطماعهم و طموحاتهم الشخصية. و اذ لا يعلن هؤلاء عن أغراضهم صراحة و يخفوا مخططاتهم وراء أعذار و أسباب وهمية، فانما لكي يساعدهم ذلك علي تمرير هذه المخططات علي الأمة و تنفيذها بيسر و سهولة. فالاعلان الصريح لابد أن يحمل من طياته استفزازا مباشرا للأمة، لن يستطيعوا معه استدراجها الي ألاعيبهم التي لا يقصدون منها سوي تكريس منافعهم و تحويل أبنائها الي عبيد مستضعفين لا يرون أمامهم دون الله الا أسيادهم الحاليين، و الا تنفيذ رغباتهم و نزواتهم.

لذلك فان توقعات الرسول الكريم صلي الله عليه وآله وسلم كانت حقيقة، عندما رأي ببصيرته الثاقبة الأمة و قد تخلت عن رسالتها بعد ذلك، أمة ضعيفة، مهملة لا تعرف من الاسلام الا


اسمه و من القرآن الا رسمه، و لا تهتم الا ببعض المظاهر التي تقنع بها نفسها علي أساس أنها أمة اسلامية و لا يعود الدين يعني لديها الا شعائر و طقوس ألفتها بحكم العادة.

و قد أخبرنا أبوسعيد الخدري أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: (يكون خلف من بعد ستين سنة أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات، فسوف يلقون غيا. ثم يكون خلف يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم. و يقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن و منافق و فاجر) [1] .

و قال صلي الله عليه وآله وسلم للامام عليه السلام: (يا علي ان القوم سيفتنون بأموالهم، و يمنون بدينهم علي ربهم، و يتمنون رحمته و يأمنون سطوته، و يستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة و الأهواء الساهية، فيستحلون الخمر بالنبيذ و السحت بالهدية و الربا بالبيع) [2] .

و جاءت تصورات الامام عليه السلام عن انهيار الأمة في ظل أنظمة يتحكم فيها طواغيت حاذقون مهرة (دهاة) أمثال معاوية، مطابقة لتصورات الرسول الكريم صلي الله عليه وآله وسلم.


پاورقي

[1] ابن ‏کثير - 233.

[2] نهج‏ البلاغة - 337.