بازگشت

مجتمع غريب


و بغض النظر عن هذه الأخبار و القصص التي تحفل بها كتب التاريخ، فمما لا شك فيه أن معاوية نجح الي حد بعيد في استقطاب أهل الشام و جعلهم ينظرون اليه كممثل حقيقي بل وحيد للاسلام، و كان حالهم غريبا حقا بجهلهم الاسلام و تصورهم المشوش عنه، فكانوا بذلك كعضو أو جسم غريب زرع في جسد الأمة الاسلامية، فلا هو ينتمي الا الاسلام انتماء خالصا مبنيا علي فهم حقيقي له، و لا هو مجتمع جاهلي خالص معروف الاتجاهات و الأهداف، و كان عدم مبالاته الغريبة بصميم النشاطات و الفعاليات الاسلامية و وقوفه علي الحياد أمام كل عبث بمبادي الاسلام تثير أي امري ء غيور حريص علي هذا الدين الذي بدأت تعبث فيه رياح الأطماع و الأحزاب و العصبيات و الأحقاد.

كان مجتمعا قد استماله معاوية و اشتراه و جعل منه مجرد قطيع لا يعرف أهدافه الحقيقية من الحياة علي ضوء الاسلام، و لا يعرف من هذا الدين الا أداء بعض الطقوس التي تتيح له الادعاء بأنه ينتمي الي الاسلام.

لقد أفرغه من شعوره بالمسؤولية، و جعل منه مجتمعا لا يهتم أفراده الا


بأمورهم الحياتية البسيطة و لا يميزون بين الحق و الباطل و الحلال و الحرام، لأنه لم يرد له أن يتعلم حقا و يتفقه حقا في الدين حتي يعرف ما ينبغي له أن يعرفه.