و قد سمعنا قصة أبي العباس السفاح مع أشياخ من أهل أرباب النعم و الرياسة من سائر أجناد الشام عندما حلفوا له: (أنهم ما علموا لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قرابة و لا أهل بيت يرثونه غير بني أمية) [1] .

(ثم تدبر تفرقهم في أحوالهم و مذاهبهم، فانظر الي اجتماع ملئهم، أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أقام يدعو الخلق الي الله اثنين و عشرين سنة، و هو ينزل عليه الوحي و يمليه علي أصحابه فيكتبونه و يدونونه و يلتقطونه لفظة لفظة، و كان معاوية في هذه المدة بحيث علم الله، ثم كتب له صلي الله عليه وآله وسلم قبل وفاته بشهور، فأشاروا بذكره و رفعوا من منزلته بأن جعلوه كاتبا للوحي و عظموه بهذه و أضافوه اليها و سلبوها عن غيره و أسقطوا ذكر سواه) [2] (و تروي عنهم قصص غريبة تثبت جهلهم برسول الله صلي الله عليه وآله وسلم نفسه، و قول أحدهم لآخر و قد سمعه يصلي علي محمد صلي الله عليه وآله وسلم، ما تقول في محمد هذا؟ أربنا هو؟) [3] .

و قول أحدهم عن أميرالمؤمنين عليه السلام: (من أبوتراب هذا الذي يلعنه الامام علي المنبر؟ قال: ما أراه الا لصا من لصوص الفتن) [4] .

و قول أحدهم (و هو حاج و قد ذكر له البيت: اذا أتيته من يكلمني منه) [5] .

و قول أحدهم عندما سئل عن مذهبه (انه مرجئي قدري ناصبي رافضي) [6] .

و قد أفصح أحد أهل الشام عن استجابتهم المطلقة لمعاوية و آله و تحيزهم التام


اليهم، عندما قال، معقبا علي نقاش بخصوص تعيين يزيد خلفا له: (ما ندري ما تقول هذه المعدية العراقية، و انما عندنا سمع و طاعة و ضرب و ازدلاف) [7] .

و قال آخر عند حضور احدي الجلسات لمناقشة بيعة يزيد، و هو يزيد بن المقنع فقال: (أميرالمؤمنين هذا و أشار الي معاوية. فان هلك فهذا. و أشار الي يزيد. فمن أبي فهذا. و أشار الي سيفه، فقال له معاوية: اجلس فانك سيد الخطباء) [8] .

(و قد بلغ من أمرهم في طاعته أنه صلي بهم عند مسيرهم الي صفين الجمعة في يوم الأربعاء و أعاروه رؤوسهم عند القتال و حملوه بها و ركنوا الي قول عمرو بن العاص أن عليا هو الذي قتل عمار بن ياسر حين أخرجه لنصرته، ثم ارتقي بهم الأمر في طاعته الي أن جعلوا لعن علي سنة ينشأ عليها الصغير و يهلك عليها الكبير) [9] .