بازگشت

قضية الشام، أم قضية معاوية


تخطيط قديم لتربية أهل الشام علي أساليب معاوية و تصوراته

لقد أراد معاوية أن يضع مجتمع الشام بمواجهة المجتمع الاسلامي كله، و حاول أن يوحي لمجتمع الشام هذا بأنه هو المجتمع الأمثل و الأفضل ما دام يتبني قضية عادلة هي قضية مقتل عثمان، و أنه يتمتع بامتيازات و قدرات مضافة تجعله هو المجتمع المؤهل لقيادة الأمة الاسلامية، و أنه - أي معاوية - لم يكن يعمل الا بما يراه له أهل الشام، و ما ذلك الا لأنه وجد فيه تربة صالحة لتحقيق مؤامراته ضد الاسلام، و أراد استغلاله الي النهاية لتنفيذ أغراضه و مطامحه و جر بقية أبناء الأمة الي ما جر اليه هذا المجتمع. و حاول بمكر منقطع النظير أن يوحي لهذا المجتمع بأن الصراع لم يكن بينه هو (معاوية) و بين الامام، و انما كان بين مجتمع الشام و مجتمع الحجاز و العراق و غيرهما من أقطار الاسلام.

و كانت رسائله للامام عليه السلام و مخاطبته لأهل الشام و غيرهم، تدل علي أنه يعول عليهم بالدرجة الأول لتنفيذ خططه و مشاريعه. فقد جاء رسالة بعثها للامام عليه السلام قوله: (و قد أبي أهل الشام الا قتالك حتي تدفع اليهم قتلة عثمان، فان فعلت كانت شوري بين المسلمين و انما كان الحجازيون هم الحكام علي الناس و الحق فيهم، فلما فارقوه كان الحكام علي الناس أهل الشام. و لعمري ما حجتك علي أهل الشام كحجتك علي أهل البصرة[لأن أهل البصرة أطاعوك و لم يطعك أهل الشام]) [1] .

و قال معاوية لجماعة من الموالين لأميرالمؤمنين عليه السلام: (ان الله أكرم هذا الأمر بأهل الشام الذابين عن بيضته التاركين لمحارمه و لم يكونوا كأمثال أهل العراق المنتهكين لمحارم الله و المحلين ما حرم الله و المحرمين ما أحل الله) [2] .

و قد ذهب معاوية الي أبعد من ذلك، فدفع أناسا ليرووا حديثا عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: «و ان أهل الشام هم الطائفة المنصورة علي من خالفها» [3] .



پاورقي

[1] و قد ترسخ هذا المفهوم عند أهل الشام، حتي اعتقدوا أنهم ألا حق بمرکز الخلافة، حتي قال بعضهم لبعض عند وفاة معاوية بن يزيد «ان الملک کان فينا أهل الشام فانتقل منا الي الحجاز و لا نرضي بذلک» العقد اففريد 112 - 76 - 5.

[2] مروج الذهب 50.

[3] البداية و النهاية 129 - 8.