بازگشت

بين العدالة و التلويح بالمنافع و الرشوات


و كان الحزم الذي أخذ به الامام عليه السلام نفسه و الرجوع الي البدايات الصحيحة الأولي في توزيع الأموال علي المسلمين، و عدالته الصارمة سببا لتخلي كل أولئك الذين تخلوا عن نظرة الاسلام المبدئية أو الذين لم يكونوا ينظرون بها أصلا، عنه عليه السلام. فقد كانت المعركة تتخذ أبعادا جديدة، دخلت فيها عناصر لم يكن يحسب أنها ستدخل فيها، لو لم يقصد معاوية تصديا مسلحا لحكومة الامام عليه السلام. و كانت تقوم بين عموم المسلمين المستضعفين، الذين يقعون فريسة لمن هم أقوي منهم و أعلي في مراكز السلم الاجتماعي الجديد الذي بدأ يظهر بعد اختفائه أيام الرسول صلي الله عليه وآله وسلم و بين هذه الطبقات الجديدة التي حاولت أن تبرز مجددا مستغلة مراكزها القبلية و (سابقتها) في الدين. لتخرج علي حكومة الامام بمختلف الذرائع و الحجج (الشرعية)، مستغلة السوابق التي تم فيها اقصاء أميرالمؤمنين عليه السلام و ابعاده عن مركزه الحقيقي. و كأن تلك السوابق أصبحت سنة و عهدا من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم نفسه لا تصرفات شخصية من أناس عاديين تولوا مركز الخلافة بفعل عوامل عديدة. حتي وصل الأمر بمعاوية أن عرض نفسه لأهل الشام بعد انفراده بالحكم لا كخليفة لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم و انما كان كانسان نافع لهم مضر بأعدائهم، و لا يهم بعد ذلك ان كان خيرا من غيره أو أقل منه. (قال معاوية: يا أيها الناس، ما أنا بخيركم و ان منكم لمن هو خير مني، و لكن عسي أن أكون أنفعكم ولاية و أنكأكم في عدوكم و أدركم حلبا) [1] .

(و كان معاوية يعطي المقارب و يداري المباعد، و يلطف به حتي استوثق به أكثر الناس) [2] .



پاورقي

[1] ابن ‏کثير 135 - 8.

[2] ابن ‏الأثير 355 / 3 و ذکر ابن عبد ربه الأندلسي أنه کان (.. يعطي الأقارب و يداني الأباعد حتي استوثق له أکثر الناس) العقد الفريد 110 - 5.