بازگشت

بعد الزمن لا يمنعنا من دراسة الأحداث


ان المسافة الزمنية البعيدة التي تفصل بيننا و بين الأحداث السالفة الذكر، لابد و أن تجعلنا ننظر اليها بهدوء أكثر و نناقشها بمزيد من الوضوح و الحرية، بعد أن كشفت لنا نتائجها أيضا، و لابد أن هذه النتائج لو تتح مشاهدتهم لأولئك الذين كانوا طرفا في صنعها. و لو أن بعضهم كان يعلم أن الأمور ستؤول الي ما آلت اليه بعد ذلك، فربما لم يشترك فيها علي الاطلاق، و لما قد اتخذ الموقف الذي اتخذه منذ البداية، و ربما اتخذ المواقف المغايرة التي كان يحاربها.

ان صحة الموقف و سلامته لا تتحكم فيها التفكيرات المجردة أو تصورات المرء المشارك فيها وقت الحدث، و انما قد تؤكدها نتائج هذا الحدث فيما بعد. و لكن آني للانسان أن يعلم ذلك و هو غيب من الغيب الذي لا يعلمه الا الله.

و لو تساءلنا، علي ضوء النتائج التي اتضحت لنا بعد كل هذه المدة الطويلة: لمصلحة من كان ذلك الخروج المتعمد من قبل معاوية علي الامام علي عليه السلام و علي الاسلام؟.

هل كان لمصلحة عموم المسلمين، أم أنه كرس لمصلحة البيت الأموي بشكل خاص؟ ماذا جني المسلمون من ذلك؟ و ما هي المكتسبات الكبيرة التي حصلوا عليها؟ و علي أقل الاحتمالات: ماذا كنا سنخسر لو لم يكن معاوية زعيما للأمة الاسلامية و لم يكن يزيد من بعده و مروان و عبدالملك و الوليد و يزيد و هشام و أضرابهم.؟ هل قام دين محمد لأجل هذه الخفنة من الفراعنة، لكي يتمتعوا بكل اللذائذ الحسية و ألوان الترف و المباهج غير المتاحة، بشكل فاق حتي ذلك الأسلوب الساخر الذي كان سائدا في الجاهليات الغارقة في أوحال الرذائل و الدنس؟.

هل قضي الاسلام علي الجاهلية القديمة التقليدية البسيطة المكشوفة، ليكون وسيلة لخلق و ايجاد جاهليات مركبة تتخذ منه ستارا لممارساتها و غطاء شرعيا تظهر به أمام الناس مع أنها أبعد ما تكون عنه و عن قيمه و شرعته؟.