بازگشت

لابد من تشخيص الداء


ان تثبيت الوضع و تجميده علي الأسس التي أقامها معاوية، كانت كفيلة بابعاد الاسلام نهائيا عن الساحة و طرده من الحياة و تهميشه أو تحييده علي الأقل، و جعل الوضع الجديد الذي تكرس له الفئة الحاكمة الجديدة، هو المقبول، بل و المطلوب. و من خلال جعل الحكم و راثيا، أريد لهذه الحالة التكرارية التي بنفس الأسلوب أن تكون هي الحالة المقبولة أيضا.

و نعيد ما قلناه في موضع سابق، اذ لو تساءل سائل: ما الضرر في تكريس الحكم في عائلة واحدة؟ أليس الأمر يحدث في أنحاء متعددة الآن؟.


و نؤكد: أننا نتحدث عن قضية اسلامية بحتة، و ليس عن صراع بين مملكتين أو جمهوريتين في عهد جاهلي حديث القيم و المفاهيم.

ان التبرير الذي حاول معاوية اقامة كيان دولته عليه هو تبرير (اسلامي، أو هكذا أراده أن يبدو أمام الجميع.. كما أن ترشيحه يزيد للحكم أراده أن يبدو و كأنه الأمر الوحيد الذي فيه مصلحة الأمة الاسلامية و الذي يحقق وحدة المسلمين. فلم يخرج المسألة اخراجا مكشوفا بل جعلها تبدو مسألة اسلامية بحتة. و اذ أن الاسلام قد غدر و استغل هذا الاستغلال الشنيع، و اذ أنه دين المسلمين و الأمر الوحيد الكفيل بتحقيق مصالحهم، فمن حق المسلمين أن يناقشوا أمر كل من تعرض له و حاول تزويره و حرفه و استغلاله و العبث به، و طبيعة الأحداث التي تم فيها كل ذلك، ليحاولوا تقويم و تعديل و تصحيح ما زور و حرف..

ان تشخيص الداء لابد أن يضعنا أمام حقائق ينبغي أن لا نخجل من عرضها أمام أنظار أبناء الاسلام و أمام الآخرين علي السواء. فنحن الآن علي أي حال لسنا طرفا مباشرا لأي انحراف سابق لسبب بسيط، و هي أننا لم نكن موجودين في ذلك الوقت. غير أن تبنينا لواقف الأشخاص أو القوي (المتصارعة) في ذلك الوقت يجعلنا شركاء متعاطفين، بل فعليين من أولئك نتخذ نفس مواقفهم و نتبني آراءهم بوعي أو بدون وعي أحيانا.

اننا قد نتبني مواقف مسبقة جاهزة مطروحة، و نتلقاها بحكم نشأتنا، و بحكم البيئة التي وجدنا أنفسنا نعيش فيها، و سلسلة الآباء الذين ربي بعضهم بعضا.

و لابد لنا، لكي نخرج أنفسنا من قيود التصورات المسبقة المتبناة و القائمة علي أسس عاطفية متحيزة، أن نقيم تصوراتنا و مواقفنا و آراءنا علي الحقائق و الوقائع و المصالح الحقيقية لعموم الأمة الاسلامية الآن. بعد أن انحسرت تلك الأحداث. و بعد أن بقينا لفترة طويلة، و نحن لا نجد ما يدعونا الي الجلوس سوية لمناقشة همومنا و مشاكلنا و حياتنا. لكي لا ندع لأعدائنا الذين تركوا أسلحتهم التقليدية و تسلحوا بأسلحة حديثة - فرصة ضخ المزيد من سمومهم و نظرياتهم و أفكارهم البراقة الخادعة في صميم حياتنا الداخلية حينما يبدون في نهاية المطاف حريصين علينا أكثر من حرصنا علي بعضنا. بل أكثر من حرص خالقنا الرحيم - جل و علا - علينا.!!.