بازگشت

اطروحة أموية أخري


الخليفة غير محاسب حتي أمام الله

فأي دين هذا الذي لا يجيز محاسبة الخليفة الفاسق المتجاهر بالمعاصي، و يجيز كل خروج معلن أو غير معلن - من قبله - عنه و عن أحكامه و حدوده و قيمه الحياتية و الأخلاقية؟ هل هو الاسلام الذي جعل الأمر كيفيا بيد الخليفة يتصرف كيف يشاء ما دامت الأرض الله و هو (خليفة الله) كما عبر ذلك معاوية صراحة؟ هل لم تكن للاسلام تشريعات محددة و خاصة تشمل كل أمور الحياة مهما كانت صغيرة أو قليلة الأهمية بنظر البعض؟ أليس حلال محمد صلي الله عليه وآله وسلم حلال الي يوم القيامة و حرامه حرام الي يوم القيامة؟ و ما المبرر وراء تغيير التشريعات الاسلامية و العبث بها و حفظها بعيدا عن الاستعمال و عن حياة الناس؟.

و هل وجدت تشريعات خاصة بالحكام و الخلفاء و الملوك و تشريعات خاصة لعموم الناس؟ و هل أبيح لهؤلاء (الخلفاء) ما لم يبح لجماهير المسلمين؟.

و علي أي أساس (تأول) معاوية، فغير و بدل بهذا الشكل المنكر الخطير، و قيام من جاء بعده بنفس هذه المهمة المدمرة بشكل أكثر خطرا؟ كيف أتيحت لمعاوية هذه العقلية النافذة ليضع أحكاما من عنده بديلة عن الأحكام الالهية و تغييرها و نسخها الي الأبد، و تبديل سنة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم بل و استبعادها الي الأبد؟ أليس هذا هو ما فعله بالضبط عندما استبعد الاسلام و احتفظ ببعض مظاهره و شكلياته لتبرير شرعية بقائه و وجوده (خليفة) و حاكما؟.

صحيح أنه لم يصرح أحد - الا من ذكرنا - أنه لا يريد الاسلام و أنه لا ينسجم مع خططه و لا يحقق طموحاته، و لكن ألا تدل أفعالهم أنهم رفضوا الاسلام فعلا و أنهم


جردوه من محتواه و من قيمه الأساسية ليظل سلعة يتاجرون بها في أسواق الحكم و السياسة و التسلط؟.

ان عمل معاوية كان باتجاه ترسيخ وجود مؤسسة حاكمة، يدرك أنها ما دامت غير مؤهلة أمام المسلمين، لاستلام السلطة وفق أحكام الشريعة المعروفة، فان عليه أن يبدل هذه الأحكام أو تفسير بعضها لصالح هذا الوجود المفتعل الطاري ء لجعله مقبولا و شرعيا و أنه الأساس الذي ينبغي أن تقوم عليه الدول و يحكم بموجبه الحاكمون، (خلفاء) و غير خلفاء، من خلال تركيز الأضواء علي شخصية الحاكم كسلطان مطلق مخول بسلطات استثنائية، و يتمتع بحقوق لا حدود لها - و كما عبر معاوية عن ذلك صراحة كما ذكرنا، عندما قال بأن الأرض لله و هو خليفة الله يعطي من يشاء و يمنع من يشاء. و أنه لم يقاتل الناس ليصوموا أو ليصلوا أو ليحجوا أو ليزكوا و انما ليتأمر عليهم و ينشر عليهم سلطانه، و كما عبر قائد يزيد مسلم بن عقبة لأهل المدينة عندما أراد بيعتهم علي أنهم خول ليزيد يتحكم أرواحهم و أموالهم و أعراضهم كما يشاء.

ان معاوية بذلك يعلن أنه غير مقيد بقانون أو تشريع معين، و بصريح العبارة ليس مقيدا بالتشريعات التي جاء بها محمد صلي الله عليه وآله وسلم، و أنه غير ملزم بالسير وفقها و تنفيذها. و أنه غير معني الا تثبيت ملكه علي الأساس الذي يراه هو. و قد وجد لكل حالة ما يبررها قانونيا أمام المجتمع المسلم، كالحفاظ علي وحدة المسلمين و منع وقوع الفتنة و الهرج، و عدم جواز نزع البيعة حتي من (الامام الفاسق) الخ!!.