بازگشت

نموذج فرعوني جاهز، صالح لكل زمان و مكان


ان النموذج الأموي المستبد للحكم، أصبح نموذجا جاهزا للعباسيين، فحكموا علي غراره و وفق أسسه و معاييره، مدعين الحق الالهي و العائلي، حكما استبداديا لا يقل سوءا عن النموذج الأموي الأول، دون اعتراض من الأمة المسلمة، بعد أن مهدوا لذلك بحملات و تصفيات دموية شرسة ذبحوا في بدايتها (خصومهم) الأمويين، ثم التفتوا الي كل جهة (يشمون) منها رائحة العداوة و المعارضة لحكمهم، فحاولوا استئصالها. و كان في مقدمة هؤلاء (الأعداء) أو الذين يفترض أن يكونوا من أعدائهم أئمة آل البيت عليه السلام. رأي بنوالعباس في النموذج الأموي نموذجا مقبولا و صالحا و قابلا للتطبيق. رغم أنه كان عدوا بحكم التنافس علي الحكم، و هي مسألة لا تقلل من شأن الناحية الغنية التي عليهم الافادة منها الي أقصي حد ممكن و قد رأينا (ان المنصور كان في أكثر أموره و تدبيره و سياسته متبعا لهشام بن عبدالملك لكثرة ما كشفه من أخبار هشام و سيرته) [1] .

و قد رفضوا بدورهم النموذج الحقيقي للحكومة الاسلامية كما شهدها عهد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم و أميرالمؤمنين عليه السلام. فكانوا معولا آخر من المعاول العديدة التي حاولت تحطيم النموذج الصحيح، و جعله يبدو صعب المنال أمام الأمة و أن لا أمل بارتقابه أو التطلع اليه. و حاولوا اخفاءه خلف العدد (المتراكم) من (الخلفاء) العمليين الذين يصلحون وحدهم لقيادة الأمة. ان توجهاتهم كانت - أيضا - تسير نحو الاستحواذ علي الملك و حصره في أبنائهم كما فعل الأمويون من قبلهم.



پاورقي

[1] مروج الذهب - ص 250.