بازگشت

بدائل مزورة لمسخ الاسلام


ان العمليات المنظمة الدؤوبة لافراغ الأمة الاسلامية من مقومات وجودها الأساسية و هي الاسلام، بايجاد بدائل سلوكية و عقائدية ممسوخة، تختلف عن تلك التي جاء بها الاسلام، اعتمدها الأمويون في حملتهم المكرسة لتزعم المسلمين علي حساب مصالحهم الحقيقية و علي حساب الاسلام نفسه. و لو أنهم جاءوا و حاولوا الوصول وفق المقاييس الاسلامية التي ينبغي العمل بها، لما طمع أحدهم حتي بتولي أمر الخراج في بلدة صغيرة، و ما كان يتسني لهم البقاء و الحكم لو لم يعملوا علي ايجاد مقاييس و مثل جديدة تتعايش معها الأمة الاسلامية المغلوبة و المخدوعة، و (تنسجم) معها علي رغمها.

و كانت الخلة الأموية الحاذقة المحكمة التي تمت علي يد مؤسس الدولة الأموية (الداهية)، أداة بيد كل من جاء لحرب الاسلام و تخريبه بعد ذلك. حتي أن من حاولوا أن يشنوا عليه الحرب مؤخرا بادعاء الوصاية علي المسلمين، لم يعمدوا الي الأسلوب المباشر في الحرب الذي يعمد اليه الأعداء المكشوفون عادة، بل اعتمدوا


الأسلوب الأموي الماكر الذي لجأ الي حرب الاسلام من الداخل بعد التسلسل الي صفوف المسلمين و اضعافه و اضعاف الوازع الديني في النفوس بجملته و تشجيع الممارسات التي تتقاطع مع الاسلام و أحكامه و التي رفضها الاسلام وحث علي الابتعاد عنها.

كيف تستطيع الأمة أن تهضم استيلاء (الخليفة) علي أموالها و مقدراتها، و تلاعبه بها علي هواه، و كيف تسيغ اقباله علي الفساد و الشراب و اللهو، و تركه أمورها بيد حاشيته و قواده و نسائه و مقربيه، ان لم تكن قد ابتعدت عن مقوم وجودها كأمة اسلامية، و هو دينها الذي بدأت تتخلي عنه بفعل الضغوط الأموية المستمرة. و قد أريد لسلوك هذا الحاكم أن ينسحب علي الحاشية أولا و الطبقة الحاكمة و ذيولها و حواشيها ثم علي جماهير الأمة الاسلامية في مركز الخلافة و بعد ذلك الي أقطار العالم الاسلامي، لتنشر فيها كل ألوان الرذيلة و الفساد.

و هكذا روت لنا كتب التاريخ أنه قد (غلب علي أصحاب يزيد و عماله، ما كان يفعله من الفسوق. و في أيامه ظهر الغناء بمكة و المدينة، و استعملت الملاهي، و أظهر الناس شرش الشراب) [1] .

ان مركز الخلافة هذا كان ينبغي أن يكون مركزا للاشعاع الاسلامي لا بؤرة لضخ الممارسات الفاسدة من قبل (الخليفة) و أعوانه، ثم أهل حاضرته و مركز (خلافته) الي بقية أقطار العالم الاسلامي.


پاورقي

[1] مروج الذهب ص 82.