بازگشت

الخليفة أولا


كان التأكيد علي شخصية (الخليفة الحاكم) و اظهاره كمثل أعلي بديل أو ممثل لمثله الأعلي الحقيقي، هو بداية الظهور المعلن (لطواغيت الاسلام) و فراعنته. ان محاولة وضع ثقة الأمة الاسلامية بحاكمها، لم يتم من خلال تصرفات هذا الحاكم و انطباقها علي الاسلام و توافقها معه بشكل حقيقي واقعي. و هذا ما ينبغي أن يكون، و انما بايجاد و خلق قناعات بهذا الحاكم، مستمدة من المصدر الأول للاسلام، و هو الكتاب الكريم و السنة المطهرة. و هذه المصادر متمثلة بالتأويل الخاطي ء و الكاذب لكتاب الله أولا، و تلفيق أحاديث مزورة عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم، كما رأينا في مجموعة الأحاديث الكثيرة الموضوعة في حق معاوية.

اننا لم نملك العقلية التي امتلكها أهل الشام و مجاوروهم و أحلافهم، و سمعنا الأحاديث الموضوعة بحق معاوية، ثم تلك التي تري ضرورة اطاعة حكام كيزيد و أشباهه، لرأينا أن لا مجال لهم الا السير وراء هذين الخليفتين المسلمين، بل المؤمنين مطمئنين مستريحي البال و الخاطر.

ان محاولة افراغ الاسلام من محتواه، ليس عملية اعتباطية تمت عن طريق الصدفة و ما كان الهدف منها هو مقتضيات (الضرورة) و حسب، كما حاول بعض المؤرخين أن يفهموا ذلك و يفهموه للآخرين، بل كانت عملية مقصودة منظمة مدبرة، تصاعدت خطواتها و ايقاعاتها، بمجرد تنفيذ الخطوات الأولي منها. و يروح أولئك


الكتاب يهونون الأمر علينا، كما هونه من قبلهم علي أسلافنا، بأن الاسلام لم ينته كقوة فاعلة مسيرة في عهد بني أمية و لم تتقلص مسيرته. لكننا نتساءل: ألم يكن ما جري عليه في ذلك العهد، يستهدف وضعه في طريق النهاية و الاضمحلال، من خلال اذابته بقيم و ممارسات و مثل جاهلية مبتكرة و مستمد أكثرها من القيم السائدة في الحجاز و حواليه قبل الاسلام، و كذالك من ممالك و أقطار لم يدخلها الاسلام بعد. و يشيرون الي أن تقادم عهد الرسول صلي الله عليه وآله وسلم، و عدم وجود شخصية بديلة.! عمل علي الوصول الي هذه الحال، و هي شهادة أريد منها القول، ان ما جاءوا الي الخلافة بعد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لم يكونوا ليصلوا الي ما وصل اليه الرسول صلي الله عليه وآله وسلم. و هذه حقيقة أكيدة. و لكن ألم يكن منهم من كان مؤهلا لقيادة الأمة بالقدر الذي يتيح لها أن تسير علي نفس النهج الذي سار عليه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم؟. و قد استبعد في أكثر المراحل التي كانت الأمة بحاجة الي قيادته، و استلم المسؤولية في الوقت الذي طمحت اليها أنظار عديدة لم يكن أصحابها ليصلوا الي مستواه أبدا، و وضعت في طريقه عقبات عديدة و اتحدت قوي عديدة لمناوأته و اعلان الحرب عليه.؟.

كما أن الجيل الأول الذي عاصر الرسول صلي الله عليه وآله وسلم و ارتفع بفعل علاقته الوثيقة به و معايشته لتامة و الفعلية له، أما كان يتسني له أن ينشي ء أجيالا علي نفس القدر من القوة الحماس و الحب و الاخلاص لله و لرسوله صلي الله عليه وآله وسلم و دينه؟.