بازگشت

هل المشكلة هي لعن يزيد


من عدم لعنه

أم أن المشكلة انتهاك مقدرات الأمة

(و قد استدل كثيرون بذلك علي جواز لعن يزيد. و منع ذلك آخرون و ضعفوا فيه أيضا لئلا يجعل لعنه وسيلة الي أبيه أو أحد من الصحابة، و حملوا ما صدر عنه من سوء التصرفات علي أنه تأول و خطأ، و قالوا انه كان مع ذلك اماما فاسقا و الامام اذا فسق لا يعزل بمجرد فسقه علي أصح قولي العلماء، بل و لا يجوز الخروج عليه لما في ذلك من اثارة الفتنة و وقوع الهرج وسفك الدم الحرام و نهب الأموال و فعل الفواحش مع النساء و غيرهن و غير ذلك مما كل واحدة فيها من الفساد أضعاف فسقه كما جري مما تقدم الي يومنا هذا.

و أما ما يذكره بعض الناس من أن يزيد لما بلغه خبر أهل المدينة و ما جري عليهم عند الحرة من مسلم بن عقبة و جيشه فرح بذلك فرحا شديدا، فانه كان يري أنه الامام و قد خرجوا عن طاعته و أمروا عليهم غيره، فله قتالهم حتي يرجعوا الي الطاعة و لزوم الجماعة، كما أنذرهم بذلك علي لسان النعمان بن بشير و مسلم بن عقبة كما تقدم، و قد جاء في الصحيح «من جاءكم و أمركم جميع يريد أن يفرق بينكم فاقتلوه كائنا من كان» [1] .

و انظر الي هؤلاء الذين خافوا علي معاوية و الصحابة اذا ما لعن يزيد. و نظروا الي جرائمه و كأنها كانت مجرد خلافات في الرأي حول أمور يومية عادية. و ان ما صدر عنه كان لمجرد أنه تأويل. و قد أخطأ، و لابد أن له لأجرا أيضا، مع أنه فاسق، و هو أمر لم يستطيعوا كتمانه. و مع ذلك فقد أفتوا بعدم جواز عزله، و ألقوا تبعة هذه الفتوي علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم و جاء بمبررات لا يقبلها العقل، كما أنهم لم يستهجنوا فرح يزيد لما بلغه خبر أهل المدينة الذين قال بشأنهم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: (و هذا أمر لم يستطيعوا اخفاءه أيضا): (من أخاف أهل المدينة أخافه الله و عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين و قال: من أخاف أهل هذا الحي من الأنصار فقد أخاف ما بين هذين و وضع يديه علي جبينه) [2] لأنه كان (يري) أنه الامام و قد خرجوا عن طاعته. أما ما


يرون هم و فيهم صحابة عديدون من صحابة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فلا تهم معرفته، فقد أنذرهم و كفي. أما ما فعل بهم فهو أمر مباح له لأنه امام مجتهد فرأي رأيا كان فيه صلاح الأمة و الحفاظ علي وحدة المسلمين، و حتي هذا الحديث الذي رووه عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فيبدو الافتعال و الوضع فيه واضحا. يبدو أنه قد وضع لهده المناسبة و (المناسبة) التي سبقتها و هي (واقعة الطف). ثم من قال أن الحسين عليه السلام و أهل المدينة من بعده جاءوا يريدون أن يفرقوا بين المسلمين؟ أليست هي الأجهزة الدعائية الأموية نفسها.؟.


پاورقي

[1] المصدر السابق 227 - 8.

[2] نفس المصدر - 226.