بازگشت

الله وحده هو المشرع


و لم يأذن الله سبحانه بأي تشريع - حتي و ان كان باسم الدين - يضعه أي فرد من خلقه؟ و يتساءل القرآن الكريم مستنكرا. (أم لهم شركؤا شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) [1] .

فالتشريع أمر ليس لأحد من البشر - مهما كان مركزه - أن يقوم به نيابة عن مبدع الكون و خالقه و مدبره، و هو أمر لم يتح لأحد من البشر صلاحية التصرف فيه.

(لقد شرع الله للبشرية ما يعلم سبحانه، أنه يتناسق مع طبيعتها و فطرتها و طبيعة الكون الذي تعيش فيه و فطرته. و من ثم يحقق لهذه البشرية أقصي درجات التعاون


فيما بينها، و التعاون كذلك مع القوي الكونية الكبري. شرع في هذا كله أصولا، و ترك للبشر استنباط التشريعات الجزئية المتجددة مع حاجات الحياة المتجددة، في حدود المنهج الكلي و التشريعات العامة - فاذا ما اختلف البشر في شي ء من هذا ردوه الي الله، و رجعوا الي تلك الأصول الكلية التي شرعها الناس، لتبقي ميزانا يزن به البشر كل تشريع جزئي و كل تطبيق.

بذلك يتوحد مصدر التشريع، و يكون الحكم لله وحده، و هو خير الحاكمين، و ما عدا هذا النهج فهو خروج علي شريعة الله، و علي دين الله) [2] .

ان من يقوم بهذه المهمة - مهمة التشريع - يضيع نفسه في مقامه - جل و علا - علي أن أكبر جريمة يؤاخذ عليها؛ هي نسبة ما يقوم به البشر لله - سبحانه - كذبا و افتراء. ان من يقوم بذلك يعلم - أنه لا قدرة له علي القيام بأي تشريع نيابة عن الله - و خصوصا اذا ما كان في مركز يدعي فيه خلافة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم نفسه. و ليس أمامه من سبيل سوي تزوير بعض أقواله صلي الله عليه وآله وسلم أو وضع أقوال أخري علي لسان محدثين مأجورين أو تأويل ما أنزل الله بكتابه المجيد. و هذا هو الأمر الذي قام به معاوية علانية. اضافة لما قام به من أمور أخروي في مجالات عديدة. و هذا ما تمادي به الي أبعد حد من جاء من (الخلفاء) الأمويين و العباسيين و غيرهم.

و اذ لم يعترف معاوية بأنه أول من قام بذلك، و ألقي مسؤولية الانحراف علي عاتق من سبقه من الخلفاء، الا أن ما قام به معاوية - بشكل عملي و فعلي واضح - دلل علي استهتاره و استهانته بالاسلام بصورة معلنة مكشوفة. و رغم أنه بذل بعض الجهود لاخفائها و ابرازها بشكل آخر، الا أن من جاءوا بعده، لم يكلفوا أنفسهم هذا الجهد.


پاورقي

[1] الشوري 21.

[2] في ظلال القرآن 3152 - 4.