بازگشت

الدولة الأموية مهدت للدول العلمانية و سبقتها بأكثر من ألف عام


لا نقصد بها الدول التي ادعت اللجوء الي (العلم) بدل (الدين) في أورپا و غيرها و انما الدول التي استبعدت الدين بذرائع مختلفة و ادعت العلمنة لتبرير ذلك مع أنها لا تعرف العلم و لا هم يحزنون.

و قد سبقت الدول الأموية الدولة العلمانية الحديثة المبهورة بالأفكار المستحدثة التي جاءت رد فعل علي تقاطع الدين المسيحي مع الحياة الواقعية و عدم قدرته علي ادارتها، و التي استبعدت الدين عن الحياة و جعلت دوره هامشيا. و قلدتها في ذلك دول (اسلامية) علمانية جعلت دور الاسلام هامشيا أيضا، و جعلت من ممارساته الطقوسية و الشعائرية أمرا مقبولا ما دام لا يتعارض مع (الحياة)، الحياة الأرضية البحتة، التي لا تنتظم علي أساس استخلاف الانسان علي الأرض من قبل الله تعالي، أو علي أساس قيام الخلافة أو الحكم علي نهج رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم الذي أنزلت عليه خاتمة الديانات. و انما علي أساس مصالح القيادات الحاكمة التي لا تري الا ترسيخ مصالحها علي المدي الذي يلوح أمامها، و لعل احتكاك معاوية بالدولة النصرانية المجاورة جعلته يرمق أسلوبها القائم علي اعطاء ما لقيصر و ما لله لله، باعجاب


و انبهار أكثر مما كان يبدو عليه و هو يرمق الاسلام (الدين الذي يفترض أن يكون منتميا اليه، بل ويحكم باسمه). فهو اذا ما طبق كما جاء به الرسول الكريم صلي الله عليه وآله وسلم لا يمكن أن يحقق امتيازات استثنائية له أو لأمثاله.

و طبيعي أن هذه الخطوة - خطوة استبعاد الدين الاسلامي بشكل فعلي عن الحياة، لا تتم بمجرد التمني من قبل أية قيادة متسترة بالاسلام، بل لابد من اتخاذ اجراءات عملية مناسبة، في مقدمتها ترويض كل أولئك الذين يعارضونها و يرون فيها خروجا سافرا عن الاسلام، و اذا اقتضي الأمر فاستئصالهم و القضاء عليهم.

و عملية الترويض هذه، لابد لها من اجراءات معقدة تتم في وقت واحد و بشكل سريع أيضا؛ اذ أن أول الحكام الأمويين (معاوية) رأي أنه لابد أن ينجز هذه المهمة خلال حياته، و قبل أن ينتقل منها، لأنه يريد أن يوظف خبراته و خبرات أعضاء القيادة الأموية المتمثلة (بالدهاة) الذين تحدثنا عنهم و القادة العسكريين و أبناء العائلة الأموية و أحلافهم و أعوانهم و عساكرهم و مرتزقتهم و جيوش المحدثين و القصاصين و المفسرين و السبابين و المرجفين و غيرهم و غيرهم.