بازگشت

تلاقفوها...


لقد كان من ذكرناهم نماذج بارزه (للقيادة) التي تجمعت حول معاوية، و ضمت الأرقاب الأمويين بالدرجة الأولي و من يدينون بالولاء لسيد العرش الأموي و يتبني مواقفه و أساليبه، و أولئك الذين تحلقوا حوله طلبا للثروة و المنصب، حتي أنهم تساوموا بشكل مكشوف و علني، طالبين حصصهم في هذه الدولة (الاسلامية) التي استأثر بها معاوية و عائلته و أقاربه، و اذا ما أضيفت الحاشية المقربة التي تضم أبناء هؤلاء و أقاربهم و عوائلهم و أنسباءهم، و الذين نشأوا في أحضان الترف و النعيم و البطالة، لرأينا أن مدا جديدا يوشك أن يكتسح الأمة الاسلامية، يتكون من هؤلاء المترفين الذين نشأوا علي قيم و مبادي ء و حياة جديدة مغايرة تماما للحياة الاسلامية الأصلية.

و فيما بعد، كان يزيد يدرك كل الادراك أن التمويه و أساليب الخداع و الغش التي استعملها معاوية للتغطية علي سلوكه و تستره ببعض مظاهر الدين ما كان ليستطيعه هو أو من يأتي بعده، للذلك فانه أعلن الأمر صراحة عندما أفضي الأمر اليه، متحدثا عن معاوية (و كان دون من كان قبله و خير من بعده) [1] .

لقد كانت قناعة هؤلاء أن الدين لم يكن سوي و مضه سريعة اختفت بمجرد أن أشرقت و أن لا أمل بوجود صفوة مقربة من الاسلام تنظر بمقاييسه و قيمه و تصوراته، و ان الانحدار لابد أن يشمل الجميع، ليظل الاسلام مجرد أثر غابر، لم يمر بهذه الحياة الا مرورا عابرا، و حلما بعيد التحقيق علي أرض الواقع. فاذا كان معاوية خير من بعده كما عبر ذلك يزيد، فانه أراد بذلك التمهيد لقبوله هو، ذي التصرفات المكشوفة، و الذي ما كان يصل الي مستوي معاوية المتستر المتخفي. لأنه لم يملك من الحصافة و الدهاء و بعد النظر ما يمكنه من التظاهر بما كان يتظاهر به أبوه، أو يتعامل بحذر مثله أمام مختلف المواقف الحياتية المتنوعة، و لعل يزيد يريد أن يوحي هنا أنه هو أيضا أفضل ممن سيجي ء من بعده أيضا. فهل كان كذلك فعلا؟ بالنسبة للعائلة الأموية المتفسخة التي تمادت في انحرافها و عبثها و ابتعادها الواضح عن الاسلام، و خرقها العلني الواضح لكل ما جاء به من تشريعات و قيم و مثل.؟!.



پاورقي

[1] مروج الذهب - 80.