بازگشت

الارهاب الرسمي.. هو الشرعي


و حسبنا أن نري أن استعانته بمجموعة من الارهابيين و القتلة الرسميين المتسترين بشرعية الدولة و المتذرعين بالحفاظ علي وحدة الأمة الاسلامية، كانت تدل علي توجهه الدموي لتنفيذ أغراضه اذا ما فشلت سياسته مع من يريد ترويضهم و اخضاعهم و التغلب عليهم.

كان معاوية يزين تهديداته بابتسامة عريضة، و هو يتوجه الي قريش بحديثه قائلا: (ألا أخبركم عني و عنكم، قالوا: بلي. قال: فأطير اذ وقعتم، واقع اذ طرتم. و لو وافق طيراني طيرانكم سقطنا جميعا) [1] .

و اذ أن الجو لا يتسع الا لطائر واحد، فمن عسي أن يكون هذا الطائر سوي معاوية نفسه. و ما علي قريش - و غير قريش - الا أن تستسلم و تلقي أعنتها لمعاوية و أهل الشام الذين رباهم علي مفاهيمه و قيمه و تصوراته.


و لم يحاول معاوية أن يتستر في النهاية علي العديد من خططه و آرائه، فبعد أن استقامت له الأمور، أعلن خروجه السافر عن القيم السماوية العيا، و التصاقه بقيم الأرض وحدها، فهو ابن الدنيا، و هي أمه، هكذا أعلنها صراحة عندما قدم المدينة، و قال في حديث له مع أهلها، أولئك الذين عاش العديدون منهم عهد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم و لا يزالون يتنفسون في الجو الاسلامي الذي أوجده في عاصمة الاسلام و يتنسمون رائحة الرسول العظيم (و أما أنا فمالت بي، و ملت بها - (يقصد الدنيا) - و أنا ألنها، فهي أمي و أنا ابنها فان لم تجدوني خيركم، فأنا خير لكم) [2] .

فهو يعلم، أنهم يعلمون، أنه ليس خيرهم، و ربما وجد من يهمس بذلك اذا لم يقله أمامه صراحة غير أنه يشهد لنفسه بأنه خير لهم (لدنياهم) و أن عطاءه غير محدود بقانون أو نظام، لمن يمدون اليه أيديهم، و يوافقونه علي امرته و يقفون وراء عرشه. و قد كان من الحصافة و بعد النظر بحيث لم يدع أمام الناس بأنه خيرهم، و كانت موافقه و تصريحاته و رسائله و خطبه تعبر عن ذلك بكل وضوح و صراحة. انه يقول لهم أنه انسان أرضي دنيوي لا يريد أن يملك أي تصور صحيح عن الاسلام و قيم السماء العليا التي نزل بها الأمين جبرئيل الي الأمين محمد صلي الله عليه وآله وسلم، و أنه لا يستطيع أن يلتزم حتي بالحدود التي التزمها أبوبكر و عمر بل و حتي عثمان، فكيف يمكن أن يلتزم بخط النبي صلي الله عليه وآله وسلم نفسه، ذلك الذي التزمه الامام عليه السلام من بعده؟ انه أمر بعيد عن التصور و الامكان و الواقع، و ليس علي أحد أن يفكر به أو يجعله بباله بأي حال من الأحوال. و مع ذلك فانه يتمني بالتالي لكل من يقول أنه يبتعد عن شرعية الاسلام و مبادئه و أصوله، في حكمه و حياته، و يتصدي لكل معارض بقوة السيف أو بالرشوة أو بالرد المملوء بالمغالطات و الأكاذيب و الدجل.


پاورقي

[1] العقد الفريد 106 - 5.

[2] المصدر السابق 107 - 5.