بازگشت

كل الناس تكره مروان حتي نائلة زوجة عثمان


و قد أثار موقف مروان من الناس و سبه اياهم و استهانته بهم، و تحريض عثمان علي عدم الاستجابة لمطالبهم، التي كان يري أن في الاستجابة لها و هنا بمركز الخليفة و ذويه و ربما زيادة الهوة بينه و بين الناس مما يفوت عليه الفرصة لاقدامهم علي قتله و هو ما يبدو أنه قد سعي اليه مع معاوية بكل جد و دبرا هذه النهاية المشؤومة للشيخ الفاني. أثار موقف مروان هذا غيض نائله بنت القرافصة زوج عثمان التي قطعت أصابعها عندما هجم الثوار علي عثمان و قتلوه، و قد حنقت علي مروان. (و كانت نائلة زوج عثمان تكره مروان و تكره تدخله في الأمر) [1] و كانت تري أنه قد تمادي في ذلك الي أبعد الحدود، و أنه سبب كل المشاكل التي تحيط بعثمان و توشك أن تودي به، و كان تشخيصها لقيمة مروان و شخصيته تشخيصا دقيقا حيث أدركت و هي القريبة منه و المنتمية الي العائلة الأموية بحكم زواجها من عميدها أن مروان قد سيطر علي زوجها سيطرة تامة و أن كره الناس لعثمان انما يعود سببه لكرههم هذه الشخصية الغبية النزقة التي لم تعرف لها سابقة في الاسلام و التي أصبحت تدير أمور الدولة ادارة تامة و تتلاعب بمقدراتها بشكل كيفي و عبثي فاضح، و قد جاءت في النهاية الي زوجها عثمان محذرة اياه من مروان و طلبت منه ابعاده قائلة: (و قد أطعت مروان يقودك حيث شاء، فانك متي أطعت مروان قتلك، و مروان ليس له عند الناس قدر و لا هيبة و لا محبة، و انما تركك الناس لمكانه) [2] .

و قد أصبح مروان وحده قضية بأكملها، بل أصبح هو القضية الأساسية، حتي أن الثائرين قد طلبوا من عثمان. (أحد أمور ثلاثة، اما أن يعزل نفسه، أو يسلم اليهم مروان بن الحكم أو يقتلوه، فكانوا يرجون أن يسلم الي الناس مروان أو يعزل نفسه فيستريح) [3] .


و هكذا قتل عثمان بسبب مروان و معاوية و أضرابهما ممن قربهم اليه لادارة شؤون الدولة الاسلامية الناشئة، و من الغريب أنهما شخصيا جنيا في النهاية المكاسب التي أعقبت ذلك و استثمرا مقتله الي أبعد الحدود!


پاورقي

[1] نفس المصدر 56.

[2] نفس المصدر 57.

[3] ابن ‏کثير 217 - 216 / 4.