بازگشت

استغلال السلطة


و عندما أتيحت لمروان فرصة التقرب من عثمان الي أدني حد ممكن بعد أن تزوج ابنته أم أبان، استغل ذلك أبشع استغلال و ورط الخليفة الشيخ بأخطاء كان فيها حتفه في النهاية و (لم يكن الرجل في ثاني شطري عهده الا ثواب عثمان و ذهن مروان[الذي]كان مفتونا بالصلف، مستبد النزعة، يثيره النقد حتي الحماقة، لا يدفعه الي معالجة الخطأ بقدر ما يدفعه الي الاصرار عليه، و لم يكن فحسب مشيرا للأمير، و لا وزيرا ينصاع لارادته و يعمل وفق أمره، و لا أداة يستعين بها عثمان علي انجاز ما يريد، ولكنه كان أولئك جميعا في حساب المظاهر، و كان أيضا الأمير في حساب الواقع الصريح السافر! و كان أمرأ لم يعوزه الخبث الي جوار الشره و بعد الأهواء، يحرك


بأصابعه الخيط في الناحية التي تمليها عليه شهوته، و يعمل دائما و هو محجوب عن الناس بهيكل الخليفة الشيخ فيبدو العمل و يبدو عثمان في آن، الخفاء كان ميدانه و الدس سلاحه، و التمويه مركبه الي هواه، أفلا يشي كل هذا بجبن طبعه؟ كانت الكلمة الواحدة يوسوس بها للخليفة كفيلة بما يريد، و لو أن مروان كان حقا وزير صدق لوسعه أن يتدارك الفتنة و أن يكشف مخلصا عن مكمنها ثم علي ولي نعمته بالعلاج الحاسم، و لكنه كان أمرأ جبان الطبع لا يستطيع أن يواجه الحقائق قاستعان دائما علي الأزمات بأسلحة الظلام.

أفشي الدس و الخدع و الوقيعة، و مشي بين الخليفة و بين شعبه، كذلك لم يبق في الأمة رجل مشي الي الخليفة بكلمة نقد الا لبسها مروان ثوب باطل و لا دعوة تحدثت بها الشفاه الا حاول خنقها قبل أن تذيع) [1] .

(و لم يكن في هذا بحامي الخليفة و لا بالذائد عنه بقدر ما كان ذائدا عن جاهه هو و عن سلطانه. حارب مروان النقد ليدافع بهذه الحرب عن سلطانه، و حاول خنق حرية الرأي لأن حياته الناعمة و حياة آله لا تكون الا في ظلام الاستبداد، هو حقا لم يبد للعيان في صورة المناجز، ولكنه اتخذ من عثمان ستارا تواري خلفه، و ما أحسب خطأ واحدا من أخطاء الشيخ الا و فيه آثار واضحة من أصابع ابن الطريد) [2] .


پاورقي

[1] الامام علي بن أبي‏طالب - عبد الفتاح عبد المقصود ج 2 ط 4 مکتبة مصر ص 24 - 23 - 17 - 16.

[2] المصدر السابق ص 25 - 24.