بازگشت

دعا معاوية الي بيعة يزيد.. وضع الأمة في مأزق شديد


أما ثالثة الأثافي فكانت مشورته المشؤومة بجعل يزيد وليا للعهد بعد معاوية، و كان الدافع اليها، أن المغيرة أحس بفتور من قبل معاوية و أنه أراد تنحيته، فسار اليه


و أشار عليه بتولية يزيد و أنه سيكفيه الكوفة اذا ما بدأ التمهيد لهذا الأمر الذي جر الويلات علي هذه الأمة و جعل السلطة الأموية تكشف عن انحرافها و خروجها السافر عن الاسلام بشكل علني و نهائي، و نستمع الي القصة كاملة من مروج الذهب: (كتب المغيرة بن شعبة الي معاوية حين كبر و خاف أن يستبدل به: أما بعد، فقد كبرت سني، ورق عظمي، و اقترب أجلي، و سفهني سفهاء فريش، فرأي أميرالمؤمنين في عمله موفق.

فكتب اليه معاوية: أما ما ذكرت من كبر سنك، فأنت أكلت شبابك؛ و أما ما ذكرت من اقتراب أجلك، فاني لو أستطيع دفع المنية لدفعتها عن آل أبي سفيان، و أما ما ذكرت من سفهاء قريش، فحلماؤها أحلوك ذلك المحل؛ و أما ما ذكرت من العمل، ف «ضح رويدا يدرك الهيجا حمل».

فلما انتهي الكتاب الي المغيرة، كتب اليه يستأذنه في القدوم، فأذن له فخرج، فلما دخل عليه، قال له: يا مغيرة، كبرت سنك، ورق عظمك، و لم ينق منك شي ء، و لا أراني الا مستبدلا بك، قال المحدث عنه: فانصرف الينا و نحن نري الكآبة في وجهه، فأخبرنا بما كان من أمره، قلنا له: فما تريد أن تصنع؟ قال: ستعلمون ذلك.

فأتي معاوية فقال له: يا أميرالمؤمنين، أن الأنفس ليغدي عليها و يراح، و لست في زمن أبي بكر و لا عمر، فلو نصبت لنا علما من بعدك نصير اليه! فاني قد كنت دعوت أهل العراق الي بيعة يزيد، فقال: يا أبامحمد، انصرف الي عملك ورم هذا الأمر لابن أخيك، فأقبلنا نركض علي النجب، فالتفت فقال: و الله لقد وضعت رجله في ركاب طويل ألقي عليه أمة محمد صلي الله عليه وآله وسلم [1] .

و قد روي الطبري هذا الخبر بصيغة أخري، قال: (قدم المغيرة علي معاوية و استعفاه و شكا اليه الضعف، فأعفاه و أراد أن يولي سعيد بن العاص.[و قد أخبر رجل سمع الحديث بذلك]قائلا: يا مغيرة، ما أري أميرالمؤمنين الا قلاك، رأيت ابن خنيس كاتبك عند سعيد بن العاص يخبره أن أميرالمؤمنين يوليه الكوفة، قال المغيرة: أفلا يقول كما قال الأعشي: أم غاب ربك فاعترتك خصاصة و لعل ربك أن يعود مؤيدا. رويدا أدخل علي يزيد، فدخل عليه فعرض له بالبيعة، فأدي ذلك يزيد الي


أبيه. فرد معاوية المغيرة الي الكوفة، فأمره أن يعمل في بيعة يزيد. فشخص المغيرة الي الكوفة. و عمل في بيعة يزيد و أوفد في ذلك وافدا الي معاوية.

فهل وضع رجل معاوية في ركاب طويل، أم وضع رجله هو.؟ هل كان ذلك عمل امري ء يحسب حسابا للآخرة؟ أم عمل امري ء لا يري أمامه الا هذه الدنيا؟

و رجع الي الكوفة فرحا ببقائه علي (عرش الكوفة) متمثلا:



بمثلي فافزعي يا أم عمرو

اذا ما هاجني السفر النعور) [2] .




پاورقي

[1] العقد الفريد 78 - 77 / 1.

[2] الطبري 196 - 3.