بازگشت

شديد فظ غليظ... اعترف لنفسه بهذه الصفات


لقد أظهر معاوية (حنكة و دهاء) لادارة الدولة التي قام بتأسيسها هو و جعل مركزها الشام و جعل منها حاضرة (الدولة الاسلامية)، هذه البلاد التي رأي أهلها الاسلام بعينيه، و فهموه كما أرادهم أن يفهموه، و رباهم علي مفاهيمه هو وقيمه


و تصوراته عن دين الله القويم، كما أراد أن يبين أنه لا يستعمل أسلوبا واحدا في سياسة الدولة، و أنه كان يحلم و يسكت علي المسي ء ما لم يحل بينه و بين الملك، فانه أراد أن يبين أن وراءه رجالا أشداء أمثال زياد لا يتورعون عن الشدة و الارهاب و أن هؤلاء رجال محنكون أقوياء، و أنه يلبس لكل حالة لبوسها، و أن علي الجميع أن يحذروا ذلك [1] فقد روي عن زياد الفظ الشديد الغليظ - حسب تعبير معاوية أنه قال: (ما غلبني اميرالمؤمنين[معاوية]قط الا في أمر واحد. طلبت رجلا من عمالي كسر علي الخراج، فلجأ اليه، فكتبت اليه أن هذا فساد عملي و عملك. فكتب الي: انه لا ينبغي أن نسوس الناس سياسة واحدة، لا نلين جميعا فيمرح الناس في المعصية، و لا تشتد جميعا فنحمل الناس علي المهالك، ولكن تكون أنت للشدة و الفظاظة و الغلظة، و أكون أنا للرأفة و الرحمة) [2] .


پاورقي

[1] فعندما جمع معاوية اليه الکوفة مع البصرة صعد المنبر و حاول استمالة أهلها اليه قائلا: (فأردت أن أشخص اليکم في ألفين من شرطة البصرة، ثم ذکرت أنکم أهل حق، و أن حقکم طالما دفع الباطل فأتيتکم في أهل بيتي، فالحمد لله الذي رفع مني ما وضع الناس و حفظ مني ما ضيعوا... فخطب علي المنبر، فجلس حتي أمسکوا، ثم دعا قوما من خاصته، و أمرهم فأخذوا أبواب المسجد ثم قال: ليأخذ کل رجل منکم جليسه، و لا يقولن: لا أدري من جليسي؟ ثم أمر بکرسي فوضع له علي باب المسجد، فدعاهم أربعة يحلفون بالله ما منا من خطبک، فمن حلف خلاه، و من لم يحلف حبسه و عزله حتي صار الي ثلاثين، و يقال بل کانوا ثمانين، فقطع أيديهم علي المکان) الطبري 207. 3.

[2] القد الفريد 106 - 5.