بازگشت

ملك مصر سنتين.. مات بعدهما حتف أنفه


و بعد صفين اتجه الشريكان لتحقيق حلمهما، سلب مصر و ضمها (للدولة الأموية) المنفصلة عن الدولة الاسلامية الكبري بقيادة الامام عليه السلام، و تخويل عمرا التصرف بها، كما اتفقا منذ البداية. و قد دعا معاوية كبار أصحابه و منهم عمرو بن العاص نفسه، (فقال لهم: أتدرون لم دعوتكم؟ اني قد دعوتكم لأمر مهم أحب أن يكون الله قد أعان عليه، فقال القوم كلهم - أو من قال منهم: ان الله لم يطلع علي الغيب أحدا، و ما يدرينا ما تريد! فقال عمرو بن العاص: أري و الله أمر هذه البلاد اكثير خراجها، و الكثير عددها و عدد أهلها، أهمك أمرها، فدعوتنا اذا لتسألنا عن رأينا في ذلك، فان كنت لذلك دعوتنا، و له جمعتنا فاعزم و اقدم، و نعم الرأي رأيت، ففي افتتاحها عزك و عز أصحابك، و كبت عدوك، و ذل أهل الخلاف عليك. قال له معاوية مجيبا: أهمك يا ابن العاص ما أهمك - و ذلك لأن عمرو بن العاص كان صالح معاوية حين بايعه علي قتال علي بن أبي طالب، علي أن له مصر طمعة ما بقي - فأقبل معاوية علي أصحابه فقال: ان هذا - يعني عمرا - قد ظن ثم ظنه، قالوا له: لكنا لا ندري؛ قال معاوية فان أباعبدالله قد أصاب، قال عمرو: و أنا أبوعبدالله! قال: ان أفضل الظنون ما أشبه اليقين) [1] .

و قد جهز معاوية عمرا لمحاربة محمد بن أبي بكر والي الامام علي مصر، و قد قتل محمد و مثل بجثته بشكل شنيع، ألقاه قائد عمرو في جيفة حمار ثم أحرقه بالنار. و كان من أمر معاوية بعد ذلك أن بعث بحملات ارهابية في أطراف الدولة الاسلامية المتبقية تحت حكم الامام كما سبق و أوضحنا في هذا الفصل.

فقد استقر عمرو في مصر واليا و حاكما و مالكا سند أربعين للهجرة أي قبيل اغتيال الامام عليه السلام علي يد الخارجي ابن ملجم. و صفا له الجو و جمع ما جمع من أموال الي أن توفي عام ثلاث و أربعين أي بعد ثلاث سنين من مقتل الامام و لم يمكث واليا عليها لمعاوية الا أقل من سنتين فقط، فهل كانت تستحقه هاتان السنتان و ما ناله فيهما من (مكاسب)، أن يفقد عمرو حياته الباقية! و هل أفلحت تجارته مع شيطانه معاوية؟ أم كانت صفقة خاسرة أمضاها عجوز طماع مع آخر لا يقل عنه طمعا و خبثا.

ثم جنا جناها في يوم شديد الحساب اذ أخذ علي عاتقيهما مهمة حرف الأمة عن


الاسلام و تشويهه الي الأبد، و الي أن يتسني للأمة من ينبهها من الضلال الأموي المقيت، و يعيد للاسلام صفاءه و أصالته، و هي بالتأكيد مهمة لا يقدر عليها الا آل البيت عليهم السلام و من سار علي منهجهم، منهج رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم.


پاورقي

[1] نفس المصدر ص 128 و ابن ‏الأثير 228.