بازگشت

كرهه لعلي جعله ينحاز لمعاوية


«و أما علي فلا خير عنده، و هو غير مشركي في شي ء من أمره».

و عندما قتل عثمان، كان علي عمرو أن يحدد موقفه من أميرالمؤمنين عليه السلام! فهو يدرك أنه لن يجني شيئا وراء هذه البيعة، و قد أدار المسألة بعقله الذي لا يحسب حسابا الا للمصلحة الشخصية و النفع الخاص، فوجد أنه يستطيع أن يضع يده في يد أي امري ء الا عليا عليه السلام، فليس وراءه أي مكسب أو مغنم، هذا ما علمه عمرو، و علمه معاوية أيضا و قبلهما طلحة و الزبير و نظائرهما. فعلي عليه السلام عندما يتسلم قيادة المسلمين فانه سيأخذ الجميع بالحق دون تمايز أو اعتبار سوي اعتبار الاسلام، و أنه لن يضعهما في أي مركز يرغبانه، و هل يتخلي معاوية عن (مشروع عرش) بناه في عشرين عاما..؟.

و هل ستتاح الفرصة لعمرو للعودة الي مصر و حكمها، و ذلك جل أمنيته؟.

و هكذا أعلن عمرو منذ البداية: (و ان يله ابن أبي طالب، فهو أكره من يليه الي) [1] .


(أما علي فلا خير عنده، و هو يدل بسابقته، و هو غير مشركي في شي ء من أمره) [2] .

و هكذا فانه عندما (بلغه بيعة علي، فاشتد عليه) [3] .

و عندما انهمرت دموع الحزن من عينيه علي هذه المصيبة التي تمثلت ببيعة الامام، و رأي أن يستثمر هذه الدموع حالا، و أن لا يجعلها تنسكب دون فائدة، اذا فليسكبها منذ الآن علي الخليفة القتيل (المظلوم)، الذي كان أول من ظلمه هو و صاحبه معاوية، (ثم ارتحل عمرو من فلسطين راجلا معه ابناه يبكي كما تبكي المرأة، و هو يقول: «واعثماناه. أنعي الحياة و الدين..!» حتي قدم دمشق) [4] .

لماذا اتجه الي دمشق مباشرة، و لم يلتحق بطلحة و الزبير و عاتشة؟ لأن أراد أن يكمل الخطة التي وضعها مع صاحبه و نفذاها بنجاح، و عليهما الآن أن يجنيا ثمار ما زرعا، و يتعاونا بشتي الطرق و يعضا علي الأمر بأضراسهما، فهي فرصة العمر الكبيرة الوحيدة، و ان أفلتت فسيفلت كل شي ء منهما و يضيع، هكذا حسبا و خططا و عزما، و توكلا علي ارادتهما الشريرة و شيطانهما المريد. (ثم خرج و معه ابناه، حتي قدم علي


معاوية، فوجد أهل الشام يحضون معاوية علي الطلب بدم عثمان، و قال عمرو: أنتم علي الحق. اطلبوا بدم الخليفة المظلوم) [5] .


پاورقي

[1] نفس المصدر ص 158 و الطبري (و أن يله ابن أبي‏طالب فلا أراه الا يستنظف الحق و هو أکره من يليه الي) 69 - 3.

[2] المصدر السابق.

[3] نفس المصدر ص 158 - و الطبري 69 - 3 (فبلغه أن عليا بويع له فاشتد عليه، و تربص أياما ينظر ما يصنع الناس، فبلغه مسير طلحة و الزبير و عائشة. فقال: أستأتي و انظر ما يصنعون، فأتاه الخبر أن طلحة و الزبير قد قتلا فارتح عليه أمره، فقال له قائل: ان معاوية بالشام لا يريد أن يبايع لعلي، فلو قاربت معاوية! فکان معاوية أحب اليه من علي بن أبي‏طالب و قيل له أن معاوية يعظم شأن قتل عثمان بن عفان و يحرض علي الطلب بدمه، فقال عمرو: ادعوا لي محمدا و عبدالله، فدعيا له، فقال: قد کان ما بلغکما من قتل عثمان، و بيعة الناس لعلي، و ما يرصد معاوية من مخالفة علي. و قال: ما تريان؟ أما علي فلا خير عنده، و هو رجل يدل بسابقته، و هو غير مشرکي في شير من أمره، فقال عبدالله بن عمرو:... أري أن تکف يدک و تجلس في بيتک حتي يجتمع الناس علي امام فتبايعه و قال محمد بن عمرو: أنت ناب من أنياب العرب، فلا أري أن يجتمع هذا الأمر و ليس لک فيه صوت و لا ذکر. قال عمرو: أما أنت يا عبدالله فأمرتني بالذي هو هو خير لي في آخرتي و أسلم في ديني. و أما أنت يا محمد فأمرتني بالذي ابنه لي في دنياي، و شر لي في آخرتي) الطبري 70 - 69 - 3.

[4] نفس المصدر ص 157.

[5] نفس المصدر 158 و الطبري 70 - 3.