بازگشت

طمعه قتله... حرض علي عثمان و طالب الأبرياء بدمه


مهد عمرو بن العاص لأمر خطير كان يأمل أن ينال به ما فاقه من كسب بعد عزله من مصر، فعندما قرب عثمان أقاربه و أغدق عليهم الأموال و القطائع.


و رأي نقمة الناس عليه بسبب ذلك، رأي أن الفرصة أصبحت مؤاتية له ليدلي بدلوه في خضم الأحداث التي بدأت تلوح في الأفق، فقد حاول اثارة الثوار علي عثمان عندما تصدي له أمام الناس قائلا («اتق الله يا عثمان، فانك قد ركبت أمورا و ركبناها معك، فتب الي الله نتب» فناداه عثمان: «و انك هناك يا ابن النابغة؟ قملت و الله جبتك منذ عزلتك عن العمل» فنودي من ناحية أخري: «تب الي الله» فرفع يديه و قال: «اللهم اني أول تائب» و رجع الي منزله) [1] .

كان موقفه التحريضي ضد عثمان، و الذي كشفه هو صراحة فيما بعد، أحد العوامل التي أدت الي التسريع بقتله، خصوصا اذا ما علمنا موقعه من المصريين الذين كان عاملا عليهم من قبل عمر بن الخطاب.

لم يركب هذه الموجة الا لمكسب رآه ماثلا أمامه، و لو كان يدري أن الأمور ستستقيم للامام عليه السلام لما كلف نفسه هذه المؤونة، و لا كتفي بما نال من مكاسب سابقة.

و عندما تراكمت الغيوم و رأي أن الأمر لابد أن يتمخض عن أحداث خطيرة، أبسطها مقتل عثمان، و قد رأي حينذاك أن يختفي عن مسرح الأحداث بعد أن مهد لذلك، لكيلا تسجل عليه المواقف الأخيرة و قد يقتل عثمان و هو في المدينة، و هو أمر بدا أنه قد خطط له بعناية و حذر، (و خرج عمرو بن العاص الي منزله بفلسطين، و كان يقول: و الله اني كنت لألقي الراعي فأحرضه علي عثمان، و أتي عليا و طلحة و الزبير فحرضهم علي عثمان) [2] .

كان عثمان شيخا كبيرا فانيا، ناهز الثمانين من العمر، و لو قد انتظر الثوار و فاته، لمات حتف أنفه بعد سنة أو سنتين، و ماذا كان يمكن أن يجنيه عمرو أو معاوية الذي تقاعس عن نصرته عندما استنجد به كما أسلفنا، عندما يموت عثمان هذه الميتة الطبيعية، و ماذا ستكون حجتهما لاعلان الحرب علي الامام عليه السلام و الخروج عليه، بعد أن أجمعت الأمة كلها علي أن يكون قائدها و امامها؟.

و ماذا يمكن أن يجني عمرو من خلافة علي عليه السلام سوي الاهمال و الابعاد و عدم نيل أي امتياز أو مكسب، كما يتوقع من غيره.!.


و لعل معاوية و عمرو قد بيتا الغدر بعثمان بليل، و عزما عليه، و ربما اتفقا علي ذلك صراحة، و ان حاولا أن لا يبديا ذلك للناس، أو يبديا عكسه فيما بعد.

ذلك أمر من حق كل باحث أو قاري ء أن يفكر فيه، ما دمنا قد رأينا تلازمهما في كثير من المواقف قبل دخولهما الاسلام و بعد ذلك، و عملهما (لقضيتهما المشتركة)، عصين الأمة و اعلان الحرب عليه بحجة الأخذ بثأر عثمان الذي قتلاه هما بالتحريض عليه و التقاعس عن نصرته و التمهيد لأسباب الثورة. ثم تلازمهما و مساراتهما و تشاورهما الدائم في العديد في أمور الدولة التي اغتصباها و استأثرا بكل ما حصلا عليه من أموال و جاه و ملك طويل عريض.

و قد صرح عمرو عندما بلغه مقتل عثمان قائلا: أنا أبوعبدالله. أنا قتلته و أنا بوادي السباع» [3] .


پاورقي

[1] الکامل في التاريخ 54 - 3.

[2] المصدر السابق 56 - 3.

[3] نفس المصدر 158 و قال (أنا أبوعبدالله، تکون حرب من حک فيها قرحة نکأها..) الطبري 69 - 3.