بازگشت

ساوم علي الباطل في شيخوخته


و هذا عمرو يحتضر قبل أن يحتضر معاوية، فلا يجعل هذا من موته عبرة له. انه يبدو حائرا أمام (لغز) الموت هذا الذي لم يفهمه و لم يعترف به طيلة حياته، سوي أنه فناء و اندثار. و لهذا كانت جرأته علي الباطل. و ها هو الآن أمام المصير المحتوم الذي تجاهله دائما يقول: (اللهم لا براءة لي فاعتذر، و لا قوة لي فانتصر. أمرتنا فعصينا و نهيتنا فركنا. اللهم هذي يدي الي ذقني) [1] و ما عساه أن يقول، و كيف يعتذر، فهو هنا يستعد لملاقاة ربه عاريا الا من الذنوب التي احتطبها علي ظهره، كيف سيعتذر و قد تولي معاوية من دون الله و اتخذه خليلا و وليا و قائدا، أسيمحي كل ذلك لمجرد أنه قال ما قاله في لحظة موته؟ أيكون الاسلام عبثا الي هذا الحد؟ ألم يقرأ، و هو القاري ء و المحدث و المفسر! كلام الله و قوله: (و من الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله و الذين ءامنوا أشد حبا لله و لو يري الذين ظلموا اذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا و أن الله شديد العذاب اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا و رأوا العذاب و تقطعت بهم الأسباب و قال الذين اتبعوا لو أن لنا كره فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم و ما هم بخارجين من النار) [2] .

أطاع معاوية و دعا لله؟ هل لله و في سبيله؟ هذا ما ينبغي أن يتساءل عنه كل أولئك المتصدين لدراسته. لقد أطاع هواه و دعا الي مصالحه. و علم أنه مع أميرالمؤمنين عليه السلام لن يجني أي نفع أو فائدة! و أنه لن يخلف من الأموال ما خلف. فقد (خلف عمرو بن العين ثلاثمائة ألف دينار و خمسة و عشرين ألف دينار، و من الورق ألف ألف درهم و غلة مائتي ألف دينار بمصر وضيعته المعروفة بالوهط قيمتها عشرة آلاف ألف درهم) [3] (خلف عمرو بن العاص سبعين بهارا دنانير و البهار جلد ثور) [4] .



پاورقي

[1] مروج الذهب 28.

[2] البقرة 167 - 165.

[3] مروج الذهب 29.

[4] المفريزي 301 - 1 / السلوک لمعرة دول الملوک / تحقيق محمد مصطفي زيادة - القاهرة - 1934 م و نهج‏ البلاغة ص 579.