بازگشت

الي الدين حتي يستأثر بالدنيا


لم يكن معاوية و عمرو من المبادرين الي الاسلام منذ البداية، عندما علما أن طريقهما غير طريق الأهل الشركين، بل كان طريقهم واحدا، تبني مواقف الآباء و الانحياز للاسلام في النهاية حين لم يكن يبدو أمامهما طريق آخر.

قيم المصلحة الشخصية و المنفعة هي قيمهما العليا في كل حياتهما الطويلة الحافلة. و هي لم تكن قريبة من قيم الاسلام بأي حال من الأحوال.

ان (المثل العليا) الأرضية التي يعضها الناس أمامهم دائما للحصول علي أكبر قدر من المكاسب المادية، هي التي انتصبت أمامهما في كل مراحل حياتهما تلك... و لن يستطيع أحد - مهما بذل من جهود - أن يدعي أنهما تطلعا الي المثل الاسلامي الأعلي الحقيقي، و أخذا عنه غير ما أرادت مصالحهما أن يأخذا، و اذ تمثل ذلك ببعض الاداءات العبادية الطقوسية الظاهرية مثل الصلاة و غيرها، فلم يكن عليهما بد من ذلك، باعتبارهما احتلا موقعين قياديين، بل أكبر موقعين قياديين للمسلمين، و اذا ما تجردا صراحة من كل التزام شكلي يربطهما بالاسلام فانهما سيفقدان مبرر الشرعية التي يحاولان الحكم باسمها و هي التزام الاسلام، و سيكون ذلك خروجا سافرا عن الاسلام، حتي أمام البسطاء من أهل الشام و يكون مدعاة لثورة مضادة يكونان هما قد حركاها و اججاها ضد نفسيهما. فهما لم يأخذا من الاسلام الا القدر الذي لا يتعارض مع مصالحهما و الذي أتاح لهما التمكن من السيطرة و النفوذ [1] .



پاورقي

[1] و کان الامام علي عليه ‏السلام دقيقا بوصف نظيرهما المغيرة بن شعبة الذي کان مثلهما و لعب معهما أقذر الأدوار لحرف الأمة عن مسيرتها. (فانه لم يأخذ من الدين الا ما قاربه من الدنيا و علي عمد لبس علي نفسه ليجمل الشهبات عاذرا لسقطاته) نهج‏ البلاغة 751.