بازگشت

ابن الأبتر


و كان العاص بن وائل السهمي أحد الذين تصدوا باستمرار للرسول صلي الله عليه وآله وسلم، و كانت له مواقف عديدة حاول فيها النيل منه صلي الله عليه وآله وسلم و الاستهزاء برسالته، و في احدي المرات حاول خباب الأرث صاحب الرسول صلي الله عليه وآله وسلم أن يتقاضاه ثمن سيوف عملها له فامتنع عن الدفع قائلا: (أليس يزعم محمد صاحبكم هذا الذي أنت علي دينه أن في الجنة ما ابتغي أهلها من ذهب أو فضة أو ثياب أو حزم؟ قال خباب: بلي قال: فأنظرني الي يوم القيامة يا خباب حتي أرجع الي تلك الدار فأقضيك هنالك حقك، فو الله لا تكون أنت و صاحبك يا خباب آثر عند الله مني، و لا أعظم حظا في ذلك. فأنزل الله تعالي فيه: (أفرءيت الذي كفر باياتنا و قال لأوتين مالا و ولدا أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا كلا سنكتب ما يقول و نمد له من العذاب مدا و نرثه ما يقول و يأتينا فردا) [1] [2] .

و كان العاص أحد الذين اعترضوا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم و هو يطوف بالكعبة فقالوا (يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد، و تعبد ما نعبد، فنشترك نحن و أنت في الأمر... فأنزل الله تعالي فيهم: (قل يأيها الكفرون لآ أعبد ما تعبدون و لآ أنتم عابدون مآ أعبد و لآ أنا عابد ما عبدتم و لآ أنتم عابدون مآ أعبد لكم دينكم ولي دين) [3] ) [4] .

و (قال ابن اسحاق: و كان العاص بن وائل السهمي - فيما بلغني - اذا ذكر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: دعوه، فانما هو رجل أبتر لا عقب له، لو مات لا نقطع ذكره و استرحتم


منه، فأنزل الله في ذلك: (انآ أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ان شانئك هو الأبتر) [5] ) [6] .

و كان العاص من المستهزئين بالرسول صلي الله عليه وآله وسلم [7] فلما تمادوا في الشر، و أكثروا برسول الله صلي الله عليه وآله وسلم الاستهزاء، أنزل الله تعالي عليه سورة الكوثر، و قد أصيب كل هؤلاء المستهزئين و منهم العاص الذي (خرج علي حمار له يريد الطائف، فربض به علي شبارقه، فدخلت في أخمص رجله شوكة فقتلته) [8] .

و من مجمل ما نراه، و ما ترويه كتب التاريخ و السيرة باسهاب، نري أن العاص السهمي كان أحد الذين أخذوا علي عاتقهم التصدي للرسالة، و كان عمله استثنائيا في هذا المجال و قد لا يقل عن عمل أبي سفيان، و علي ذلك العداء الشديد أخذ عمرو بن العاص نفسه وآلي عليها أن يكون حربا علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم و الاسلام.


پاورقي

[1] مريم 80 - 77 و تکملتها «أطلع الغيب أم اتخذ عندالرحمن عهدا. کلاسنکتب ما يقول و نمد له من العذاب مدا. و نرثه ما يقول و يأتينا فردا».

[2] ابن‏هشام - السيرة النبوية م 1 / ص 357.

[3] الکافرون.

[4] ابن‏هشام ص 362.

[5] الکوثر.

[6] ابن‏هشام 393 و الطبري 593 / 1.

[7] المصدر السابق 409.

[8] ابن‏هشام 411 - 410.