بازگشت

التقاء المصالح يلغي الخلافات... تقاسم الغنائم


ولكن التقاء مصالحهما (الكبيرة) التي لا يضاهي أهميتها شي ء بنظرهما، جعلهما مجبرين علي غض النظر عن بعضهما، بل و التغامز بالسر و في مجالسهما الخاصة ضاحكين من المقتول و من المطالبين بدمه علي السواء، وراحا يطبلان و يزمران خلف جنازته مثيرين من الصخب و الغبار ما من شأنه أن يربك أجيالا من هذه الأمة الاسلامية، حتي أنها لا تزال الي اليوم في خلاف و جدال حول هذه المسألة الواضحة وضوحا عجيبا لكل ذي حس.!.

كيف حصل أن معاوية لم يطاب عمرو بن العاص بدم عثمان، لو كان يريد المطالبة به حقا ممن أهدره.؟.

و كيف حصل أن عمرو لم يطالب معاوية بدم عثمان لو كان مثله - أيضا - يريد المطالبة به ممن أهدره...؟

(المغنم الكبير) الذي تطلعا اليه، و حصلا عليه بعد ذلك، هو الذي جعل كلا منهما يغض بصره عن الآخر، و ربما كانا متفقين علي المهمة منذ البداية، فما قاما به قد أتي أكله الآن و جاء بثمرته المرجوة. أدركا أن تخطيطهما و عملهما و سعيهما الذؤوب - مع الساعين - لتأليب الناس علي عثمان، ثم أدي الأمر الي قتله، و قيامهما بالمطالبة بدمه ثم الدعوة الي الخروج علي ولي أمر الأمة الامام عليه السلام بهذه الحجة، هو الذي حقق لهما هذا الطموح الكبير، (امرة المؤمنين) للأول، و ملك مصر للثاني.!.

و كما كاد أولهما للاسلام قبل أن يظهر و ينتشر و يغلب، كاد الثاني له، بنفس الهمة و نفس النشاط. (و كما كان أبو الاول من ألد أعداء الاسلام و خصومه كان أبو الثاني من أعدائه الألداء أيضا و من المستهزئين برسوله الكريم صلي الله عليه وآله وسلم (و فيه نزلت) (ان شانئك هو الأبتر [1] ) [2] .


كان العاص أحد الأشراف الذين ساروا الي أبي طالب و منهم عتبة و شيبة ابنا ربيعة بن عبدشمش و أبوسفيان بن حرب بن أمية بن عبدشمس، و طلبوا منه أن يمنع الرسول صلي الله عليه وآله وسلم من أداء رسالته و تسليمه اليهم، و عندما امتنع أبوطالب من الاستجابة لمطلبهم عادوا ثانية منذرين و مهددين، الا أن أباطالب استمر علي موقفه المؤيد و الداعم للنبي صلي الله عليه وآله وسلم دون حدود.


پاورقي

[1] الکوثر 3.

[2] مروج الذهب / المسعودي ص 28.