بازگشت

اضاليل في أباطيل


(و قد من أمرهم في طاعته، أنه صلي بهم عند مسيرهم الي صفين يوم الجمعة في يوم الأربعاء و أعاروه رؤوسهم عند القتال و حملوه بها، وركنوا الي قول عمرو بن العاص أن عليا هو الذي قتل عمار بن ياسر حتي أخرجه لنصرته ثم ارتقي بهم الأمر في طاعته الي أن جعلوا لعن علي سنة ينشأ عليها الصغير و يهلك عليها الكبير.

و ذكر بعض الاخباريين أنه قال لرجل من أهل الشام من زعمائهم و أهل الرأي و العقل منهم: من أبوتراب هذا الذي يلعنه الامام علي المنبر؟ قال: أراه لصا من لصوص الفتن..!.

و بلغ من أحكامه للسياسة و اتقانه لها، و اجتذاب قلوب خواصه و عوامه، أن رجلا من أهل الكوفة دخل علي بعير له الي دمشق في حال منصرفهم عن صفين، فتعلق به رجل من دمشق فقال: هذه ناقتي أخذت مني بصفين. فارتفع أمرهما الي معاوية. و أقام الدمشقي خمسين رجلا بينه يشهدون أنها ناقته. فقضي معاوية علي الكوفي و أمره بتسليم البعير له. فقال الكوفي: أصلحك الله انه جمل و ليس بناقة، فقال معاوية: هذا حكم قد مضي. ودس الي الكوفي بعد تفرقهم فأحضره و سأله عن ثمن بعيره فدفع اليه ضعفه و بره و أحسن اليه و قال: أبلغ عليا أني أقاتله بمائة ألف ما فيهم من يفرق بين الناقة و الجمل [1] .

(و ربما رتبت قصة الجمل هذه من قبل معاوية ليصدرها الي العراق و يعلمهم كيف حال أهل الشام في طاعته).

(و قد كان عبدالله بن علي حين خرج في طلب مروان الي الشام، و كان من قصة مروان و مقتله ما فد ذكر. و نزل عبدالله بن علي الشام و وجه الي أبي العباس السفاح أشياخا من أهل أرباب النعم و الرياسة من سائر أجناد الشام، فحلفوا لأبي العباس السفاح أنهم ما عملوا لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قرابة و لا أهل بيت يرثونه غير بني أمية حتي وليتم الخلافة..!) [2] .

فاذا كان أرباب النعم و الرياسة هؤلاء لا يعلمون الا هذه الأضاليل، فكيف بالعامة و البسطاء من الناس؟.


و من حق المسعودي و غيره من المورخين أن يعجبوا: (ثم تدبر تفرقهم في أحوالهم و مذاهبهم فانظر الي اجتماع ملئهم، أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أقام يدعو الخلق الي الله اثنتين و عشرين سنة، و هو ينزل عليه الوحي، و يمليه علي أصحابه فيكتبونه و يدونونه و يلتقطونه لفظة لفظة و كان معاوية في هذه المدة بحيث علم الله، ثم كتب له صلي الله عليه وآله وسلم قبل وفاته بشهور، فأشاروا بذكره، و رفعوا من منزلته بأن جعلوه كاتبا للوحي و عظموه بهذه و أضافوه اليها و سلبوها عن غيره و أسقطوا ذكر سواه) [3] .


پاورقي

[1] مروج الذهب 41 - 40 - 39.

[2] المصدر نفسه.

[3] المسعودي - مروج الذهب 43 - 3 و قد روي الطبري ح 3 ص 94 ان أحد الشباب الشاميين کان متحمسا لقتال جند الامام عليه ‏السلام و کان يشتم و يلعن و يکثر الکلام و قال: (فاني أقاتلکم لأن صاحبکم لا يصلي کما ذکر لي، و أنتم لا تصلون أيضا، و أقاتلکم لأن صاحبکم قتل خليفتنا، و أنتم أردتموه علي قتله) فتأمل کلامه و تأمل في موقف أهل الشام عند ما ذکر لهم أن الامام ضرب في محراب الصلاة فتعجبوا أن يکون الامام عليه ‏السلام من المصلين. فأي غاية بعيدة ذهب اليها التضليل و الخذاع الأمويين لأهل الشام.!.