بازگشت

اهل الشام.. أخذوا الاسلام عن الأمويين اسلام أموي


و كان لابد لهذا الوعاء الشامي أن يظل مغسولا و فارغا حتي لا يختلط ما فيه بما سوف يضعه معاوية، و بعبارة جاهلا لا يعرف الا ما يريده أسياده أن يعرف، و هكذا


تواترت لدينا أخبار هذا المجتمع الشامي الجاهل الذي أصبح مثار تندر المجتمعات العربية الاسلامية الأخري بعد أن جعله سيده مسلوب الارادة و مشدودا بشكل دائمي الي العربة الأموية الجامحة.

ان انحرافات مجتمع الشام، و هي مقر (الخلافة) الأموية و عاصمة الاسلام و مركز الثقل و (الاشعاع)، أريد لها أن تنتشر لتشمل كل المجتمعات الاسلامية، و هذا ما وقع بالفعل. و ان لم يكن أهل الأمصار الأخري مثل البصرة و الكوفة و مكة و المدينة مثل الشام. الا أن غلبة (الخليفة) و أعوانه من الولاة و القادة العسكريين و رؤساء القبائل نشرت حالة مروعة من اللامبالاة و عدم الاهتمام بين الناس، و لم يأخذوا أمور حياتهم، التي نظمها الدين و تحكم فيها طوال سنوات عديدة، مأخذ الجد، و استسلموا لمن اغتصب الخلافة و تناسوا ما أرادته لهم هذه الفئة الحاكمة أن ينسوه.

و لا نظن أننا سنجد ناقدا أو مفكرا أو كاتبا واحدا يجرؤ أن يقول ان الشام قد استوعبت أمور الرسالة الاسلامية بمثل الوضوح الذي استوعبتها به المدينة أو مكة أو الكوفة، و كان مجتمع الشام الواقع علي تخوم مجتمعين متغايرين يكاد يفقد أصالة أي منهما. و قد بلغ عدم اهتمام أهل الشام و لا مبالاتهم حدا جعلهم ينظرون حتي الي الأمور العادية نظرة سطحية، و قد رويت عنهم روايات تبعث علي الدهشة عن مؤرخين لم يعرف عنهم انحيازهم لأي من أطراف الصراع. و ربما كان السبب في فساد أهل الشام أنهم كانوا أقرب الي مجتمع (متحضر)، تأثروا به وربما بعد عهدهم بمجتمع البداوة الذي ربما تنكروا له تحت و طأة انبهارهم بمظاهر الحياة الرومانية المتطورة. (و أهل الحضر لكثرة ما يعانون من فنون الملاذ و عوائد الترف و الاقبال علي الدنيا و العكوف علي شهواتهم منها و قد تلوثت أنفسهم بكثير من مذمومات الخلق و الشر و بعدت عليهم طرق الخير و مسالكه بقدر ما حصل لهم من ذلك حتي لقد ذهبت عنهم مذاهب الحشمة في أحوالهم) [1] و اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار تأخر دخولهم في الاسلام و تأثرهم المبكر بيزيد و معاوية اللذين وليا عليهم و استمرت ولاية هذا الأخير و خلافته بعد ذلك لحوالي نصف قرن، أدركنا الي أي مدي كانت الظروف أمامه متاحة للتأثير فيهم و جعلهم طوع يديه.



پاورقي

[1] مقدمة ابن خلدون 136.