بازگشت

ماذا كانوا سيفعلون، لو علموا أن الأمر سيصير اليهم


و لو قد علم آل أبي سفيان ان (ضربة الحظ السعيدة) ستكون الي جانبهم في النهاية، و أن معاوية سيكون (خليفة) علي المسلمين و يجلس علي كرسي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، بل ويحتله احتلالا دائميا، هو و آله من بعده، لكانوا في مقدمة المدافعين عن الاسلام و المحاربين من أجله و لما وقفوا منه تلك المواقف المعادية، و كأنما كان الرسول صلي الله عليه وآله وسلم و كل من جاء بعده، يمهدون السبيل لحكم دائم لآل أمية علي عرش الاسلام، فأي حظ سعيد، و أي فرصة ممتازة قد أتيحت لهؤلاء القوم و هم يرون ارث محمد صلي الله عليه وآله وسلم ينتقل اليهم و يصبح في قبضتهم يحوطونه و يرعونه و يحفظونه لأولادهم من بعدهم بعد اجراء التنقيحات و التعديلات المناسبة التي تقتضيها طبيعة الانحراف الأموي المتعمد (الأموية كانت تريد أن تنهب مكاسب الاسلام بالتدريج، هذا النهب الذي عبر عنه بأقسي صورة أبوسفيان حينما دخل قبر حمزة رضوان الله عليه بقدمه و هو يقول: ان هذا الدين الذي قاتلتمونا عليه، هذا الدين الذي بذلتم دماءكم في سبيله، و ضحيتم في سبيله قوموا واقعدوا و انظروا كيف أصبح كرة في يد صبياننا و أطفالنا.

كان الشرف الأموي يريد أن يقتنص و أن ينهب مكاسب البناء الاسلامي و الوجود الاسلامي، و كانت هذه المؤامرة تنفذ علي مستويات، و كانت المرحلة


الأولي من هذا المؤامرة ترسخ الأمويين في الشام، يزيد به أبي سفيان ثم معاوية بعد يزيد و محاولة استقطاب معاوية للشام عن طريق بقائه هذه المدة الطويلة فيها.

ثم كان معاوية بن أبي سفيان بنفسه، ينتظر الفرصة الذهبية التي يتيحها مقتل عثمان بن عفان، هذه الفرصة الذهبية التي تعطيه سلاحا غير منتظر يمكن أن يمسكه و يدخل به الي الميدان، و لهذا تباطأ عن نصرة عثمان.. كان عثمان يستنصره و يستصرخه و يؤكد له أنه يعيش لحظات الخطر و لكن معاوية كان يتلكأ في انقاذه) [1] .

و نتساءل: كيف ستكون شراسة المعركة هذه المرة للحفاظ علي هذا المكسب الكبير الذي لم يكونوا يحسبوا أنهم سيحصلون عليه، و ها هو الآن كله لهم، فقد أصبح أمرا واقعا معاشا و ما عليهم سوي العمل لتثبيته و اقراره و ترسيخ استثماره بشكل حاذق (و ذكي) لأجيالهم القادمة من الأبناء (المحظوظين) سليلي هذه العائلة التي أذهبت النبوة و الاسلام كل ما تبقي لها من بريق و مجد غابر، و ها هو الآن يعود اليها بأكثر مما كان بفضل هذه النبوة و بفضل الاسلام نفسه.!


پاورقي

[1] أهل البيت / تنوع أدوار و وحدة هدف / السيد محمد باقر الصدر ص 26 - 25.