بازگشت

بين الانحراف الحذر و الانحراف المعلن


و اذ أتيح لهذه التجربة الأموية أن تستمر قرابة ألف شهر، كانت النماذج الأخيرة (للخليفة) أو الحاكم و بدءا من يزيد نفسه، تتباين و تختلف عن النموذج الأول معاوية المتحفظ الحذر الداهية، و تخرج خروجا سافرا صريحا عن الاسلام، و لا تحاول أن تغطي تصرفاتها أمام الأمة و تستهين بها استهانة تامة.

و لو قدر لهذه الأمة الاسلامية أن تستجيب استجابة كاملة لكل التصرفات الشاذة المنافية للاسلام التي صدرت عن (الخلفاء) و حاشيتهم و أقاربهم، و أن تستمر عملية غسيل الدماغ بنفس القوة و الحماس و الدقة التي قام بها معاوية، و لو لم تقع أحداث مهمة جعلت الأمة تنتبه بشكل واضح و تتحفز لتغيير أوضاعها و تصححها نحو مسارها الأول الذي عرفته علي عهد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، لكان الاسلام دينا غابرا و تراثا عارضا قديما، أخذ دوره في فترة معينة ثم انتهي، صفحات في سجلات (التاريخ العربي) كما يحاول البعض أن يعرضه أمامنا الآن في خضم الحملة الحديثة للاستشراق و الاستعمار و جيش العملاء المبهورين المعجبين (بالحداثة) الغربية و الحضارة الغربية و الشعارات البراقة التي تحاول أن تجعلها تحل محل القيم الأصيلة للاسلام، بعد أن لم تستطع أن تجعله ينحسر عن حياتنا انحسارا تاما و نهائيا.