بازگشت

مواقف الحكام تأجيج العداوات


و يجب أن لا ننسي المواقف الرسمية لأغلب الحكومات (الاسلامية) من هذه الشخصية الكبيرة، و نحن نحاول التحدث عنها.. فمن المعلوم أن معظمها - علي امتداد تاريخ الأمة الاسلامية - تبنت مواقف معادية للامام عليه السلام، و بررت مواقفها أما علي أساس انحيازها (السنة و الجماعة) التي انتهكها بشكل ساخر و مفضوح معاوية و أشباهه، أو عداءها (للشيعة)، الذين ضمت اليهم كل خارج عن الاسلام و كل من يحمل أفكارا غريبة لا تمت اليه بصلة، لتمرير مخططاتها و سياساتها و تبرير المواقف العدائية المتخذة تجاههم. لقد علموا أن خط آل البيت هو الضمانة الوحيدة لانتشال المسلمين من غفلتهم و تخلفهم و ابتعادهم عن الاسلام.

و اذا استثنينا (الخلفاء) الأمويين الذين أعلنوا عداءهم الصريح لعلي و شيعته و أبوا أن يتنازلوا حتي عن سبه من فوق منابرهم، فان من جاء بعدهم من العباسيين و غيرهم قد وقفوا نفس المواقف المعادية، اذ أنهم وجدوا الدعوة لآل محمد صلي الله عليه و آله و سلم أو (العلويين) كما أسموهم تمييزا لهم عن (العباسيين) الذين اعتبروا أنفسهم بنفس


منزلتهم، أمرا مناهضا لدعوتهم و سلطانهم؛ رغم أنهم تذرعوا قبل استلامهم الحكم و اعلانهم الحرب علي الدولة الأموية المريضة، بمظلومية علي و آله عليهم السلام و ابعادهم عن مراكزهم التي وضعهم الله فيها و ما لا قوه من أذي علي يد أعدائهم الأمويين، الذين قامت الدولة العباسية علي أساس رفضها لهم باعتبارهم معتدين غاصبين، الي أن تمكنت من طردهم و استئصالهم، فتنكرت لهؤلاء العلويين الذين احتجت بمظلوميتهم في بداية الأمر، و افتعلت مختلف الذرائع و الأسباب للنيل منهم و من قادتهم و هم بقية الأئمة المعصومين الذين عاشوا خلال فترة حكمهم، و ما لقاه هؤلاء عليهم السلام منهم لا يكاد يقل، بل أنه ليزيد عما لقاه أسلافهم الذين عاشوا فترة الحكم الأموي.

و لقد برر كل من تسلم الحكم، ذلك السلوك المعادي للأئمة عليهم السلام و الشيعة عموما أنه لغرض الحفاظ علي (الدولة الاسلامية) و وحدة الأمة و اجماعها، و تجنيبها شرور الفرقة و النزاعات و المطامع الشخصية الي غير ذلك من الذرائع الأخري التي سبق للأمويين أن تذرعوا بها.

و قد كانت الشدة و أساليب القمع الدموي، التي أخذ بها الأمويون و العباسيون مناوئيهم و كل الذين ثاروا علي سلطتهم و رفضوا حكمهم، سنة لمن جاء بعدهم من الحكام المسلمين الذين اعتبروا أن الصيغة الأموية أو العباسية للحكم هي الصيغة الاسلامية الشرعية الصحيحة الممكنة التطبيق، و جعلوا منها نموذجا لمحاكاته و الاقتداء به، و ان سبقه من حكم، بدأ منذ حكومة الرسول الكريم صلي الله عليه و آله و سلم، و حتي نهاية حكم الامام علي عليه السلام (مثاليا)، بمعني أنه غير عملي، و غير ممكن التطبيق الا في ظروف مشابهة لتلك الظروف التي عاشها المسلمون في العهد الاسلامي الأول قبل معاوية.

و رغم ما في هذا التفكير من خطر بالغ علي الاسلام؛ اذ أنه ينفي قدرته علي القيادة الحقيقية للحياة وفق تصورات رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أوصيائه الكرام، و يولد حالة من اليأس و الاحباط في نفوس الأغلبية المسلمة التي تتطلع الي النموذج الاسلامي الأول في الحكم و الحياة كأمل ماثل، الا أنه نجح الي حد بعيد - بمساعدة كل الملتفين حول أنظمة الحكم المؤيدة و المشابهة للنمطين الأموي و العباسي - بتشويه الصورة الأولي للحكم الاسلامي أو تشويهها من خلال تركيز الاعلام المعادي علي شخصية الامام علي عليه السلام و حكمه و اظهاره كشخصية غير عملية و افتراء مختلف


المزاعم و الأكاذيب عليه، بعد أن لم يستطيعوا أن ينالوا علنا و رسميا من حكومة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، و برروا ابعاد الامام عليه السلام عن منصب الخلافة بعداء المجتمع القرشي و أعوانه، ذلك المجتمع الذي (نجح) في اقصاء الامام و خلفائه عن هذا المنصب محققا هذا (النصر) علي الاسلام بعد أن انحني أمام بالاكراه و بعد أن لم يجد مناصا من الالتحاق بركبه.