بازگشت

وضوح الشمس يمنع من رؤيتها


ان الوضوح الشديد في الآيات النازلة بحق آل البيت عليهم السلام و الأحاديث الشريفة الكثيرة التي تشيد بفضلهم و تواردها بشكل لا يقبل الشك عن طريق مئات المسلمين الثقاة من الصحابة و التابعين و رواة الحديث و مؤرخي السير و الحوادث و حتي من قبل أولئك الذين لا يعدون من (شيعتهم)... تجعل العديدين ممن يرون من ينكر عليهم مكانتهم و فضلهم يعجبون من قوة الحملة المناهضة لهم عليهم السلام و استمرارها لحد الآن، و عدم زوال الايحاء الأموي المزروع في عقول فئات عديدة من الأمة رغم مرور هذا الزمن الطويل منذ أن مهد معاوية لهذه الحملة القوية المنظمة التي كرست لها كل امكانات (الدولة) الأموية... ثم كل امكانات (الدول) السائرة علي النهج الأموي و الي يومنا هذا.

ان العقلية الأموية، التي استمالت الي جانبها العقلية القرشية الجاهلية المكسورة المنهزمة أمام المد الاسلامي، استطاعت بفعل متواصل مبرمج متواصل و مركز أن تصل بأغلبية الأمة الي مرحلة العبثية و اللامبالاة و النظر الي الاسلام بمنظارها هي؛ منظار المصالح الأرضية المتدنية. الي درجة رفض و اهمال كل ما لا يحقق هذه المصالح حتي و لو كان القرآن الكريم أو الرسول العظيم صلي الله عليه و آله و سلم.

انها العقلية الأرضية الدنيوية البحتة التي لا تريد أن تقترب من روح الله، و لا تعترف لها بأية قيمة، و لا تكاد تنزل كل شي ء الا وفق مفاهيمها و نظراتها المنحطة. لذلك فاذا ما تداخلت عوامل عديدة مع النظرة الأموية المعادية للاسلام، و عداء قريش


القديم له، مثل مصالح الطواغيت و الفراعنة الذين ادعوا لأنفسهم القيمومة علي الدين القيم - بعد أن لم يستطيعوا نزعه الي الأبد من نفوس كل أبناء الأمة - فاننا لا نستغرب اعلان العداء الصريح لله و رسوله صلي الله عليه و آله و سلم عن طريق شن الحرب المعلنة الدائمية علي القادة الحقيقيين من آله عليه السلام، رغم وضوح ما أنزله الله في كتابه المجيد و ما قاله الرسول صلي الله عليه و آله و سلم. فكتاب الله لا يعني عندهم الا احدي الأوراق التي تحقق مصالحهم، و كذلك أحاديث الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، و الا: فهل يحترم كلام الله من يفسره علي هواه...؟!.

و هل يحترم الرسول من يضع أحاديث مكذوبة مفتراة عليه..؟!.

و هنا: ألا يكون من أشاد بهم القرآن و الرسول صلي الله عليه و آله و سلم علي السواء، عقبة في طريق هؤلاء الطامحين المتطلعين الي الجاه و السلطان..؟.

ان الغرابة تبدو اذا ما انحرف أناس ملتزمون بخط الاسلام فعلا، أما اذا ما انحرف عنه و شن الحرب عليه و علي حملته من جعل الهه هواه و مصالحه فليس في الأمر أية مدعاة للاستغراب، فلو كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في موقع الامام علي عليه السلام، و كان معاوية في مركزه الذي حصل عليه بين أهل الشام و قريش، لما تواني معاوية لحظة في شن الحرب علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و قتله لو أتيحت الفرصة لذلك و لا ندفع بنفس القوة التي اندفع بها أبوه، و أبوسفيان، و العائلة الأموية الحاقدة علي الاسلام.

لم يجد معاوية القدرة علي تغيير القرآن، فعمل علي تأويله، غير أنه استطاع أن يدعو من يضع و يزور له أحاديث علي لسان النبي صلي الله عليه و آله و سلم ففعل ذلك أيضا، و كانت تلك من أشد الكوارث التي لحقت بالمسلمين حينما حرف دينهم (خليفة المسلمين) و حاول ذلك بعده آخرون... و الطامة الكبري ان فتات كبيرة من المسلمين اقتنعت و لا تزال تقتنع بمعاوية و أشباهه، أكثر من قناعتها برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نفسه و خلفائه و آله عليهم السلام.