بازگشت

طاعة تامة لايفرقون بين الناقة و الجمل


و لنا عودة الي هذا الموضوع لنر كيف توصل معاوية الي التعتيم علي كل فضائل الامام عليه السلام، و كيف استطاع (بناء) مجتمع في الشام أولا، لا يعرف من الاسلام الا بعض الطقوس و لا يعرف ممثلا للاسلام الا معاوية. ان مجتمع الشام هذا هو الذي افتخر معاوية أنه من نتاجه و تربيته و صنعه. و قد أوصي رجلا عراقيا أن ينقل حال أهل الشام هذا الي الامام مفاخرا و مباهيا (... أبلغ عليا أني أقاتله بمائة ألف ما فيهم من يفرق بين الناقة و الجمل... و قد بلغ من أمرهم في طاعته أنه صلي بهم عند مسيرهم الي صفين، الجمعة في يوم الأربعاء، و أعاروه رؤوسهم عند القتال و حملوه بها، و ركنوا الي قول عمر بن العاص أن عليا هو الذي قتل عمار بن ياسر حين أخرجه لنصرته ثم ارتقي بهم الأمر في طاعته الي أن جعلوا لعن علي سنة ينشأ عليها الصغير و يهلك عليها الكبير) [1] .

فاذا كان من باع دينه و نفسه عدوا لعلي، فهل الذنب في ذلك ذنبه؟ اذا ما نحج هذا العدو في جعل المجتمع الاسلامي في حالة أفرغت فيها أغلبيته من دينها، اذا صح التعبير، و أجريت له عملية واسعة (للتخلص) من كل التزاماته و قيمه؟!.


ان ما أريد لأهل الشام، أريد لغيرهم أيضا من أهل البصرة أو الكوفة أو المدينة أو مكة أو غيرها.

لم يكن عليا - حتي بعد وفاته - هو العقبة الوحيدة أمام الحكم الأموي لوضع و تثبيت أسس جديدة و مناهج جديدة في العمل و الحكم، حتي و ان اتخذ في الظاهر اسم الخلافة واجهة و تسمية للملوك الجدد، بل كان الاسلام نفسه هو العقبة الكبيرة التي واجهته، الاسلام المحمدي الحق غير المزور أو المحرف، فكان الخطر الأكبر عليه، أن يعرف الناس دينهم معرفة حقيقية و يلتزموا به التزاما تاما و يحيطوا بكل تشريعاته و أحكامه و كل ما حلل لهم و حرم عليهم. اذ أن ذلك سيعني في النهاية أن الناس ستدرك الهوة التي انحدر اليها الأمويون بعيدا عن الاسلام و قممه الشاهقة المرتفعة.. (لقد أخبرنا الامام الصادق عليه السلام بما معناه: «ان بني أمية أطلقوا للناس تعليم الايمان و لم يطلقوا لهم تعليم الشرك أو الكفر، حتي اذا حملوهم عليه لم يعرفوه».


پاورقي

[1] المصدر السابق.