بازگشت

لماذا الاختلاف علي عصمة الامام


لماذا كان الاختلاف و النصوص واضحة، و الناس قريبو عهد بالرسول صلي الله عليه و آله و سلم؟ و صورته لم تكد تغيب عن خيالهم؟ و نجيب: ان الاسلام كان قريب عهد بالنفوس أيضا، لم تعرفه الا قبل سنوات، و ربما لم يعرفه قسم منها الا قبل بضعة أشهر من وفاته، كما هو الحال مع الطلقاء عند فتح مكة مثل أبي سفيان و ابنه معاوية و غيرهم [1] فهل كان لهذه النفوس المتحجرة التي أبت الاستسلام لدين الله الا تحت وطأة السيف، و رأت مركز النبوة الرفيع يمتص كل عزها و مجدها و مكانتها و سكتت علي مضض و هي تري هذا المركز عند النبي الهاشمي صلي الله عليه و آله و سلم الذي تسنم ذراه، و أصبح دينه محط آمال الناس بدلا من آلهتهم و أحجارهم و مصالحهم التي حطمها، و رأت فيه وجها جديدا (لعرش الهي جديد) أوشك فيه محمد صلي الله عليه و آله و سلم و آله عليهم السلام أن يستأثروا به الي الأبد دونها، هل كانت هذه النفوس تسكت و هي تري فرصتها السانحة عند وفاة النبي صلي الله عليه و آله و سلم و انشغال آله (و في مقدمتهم الامام علي عليه السلام) بأمور تجهيزه و دفنه، و لا تسارع لانتزاع الأمر منهم و الا ظل فيهم، و حرمت قريش منه نهائيا...؟.

لقد أبت قريش أن تجتمع النبوة و الأمامة لهذا البيت من هاشم فتحرم هي منها، و هي التي اعتادت أن يكون لها نصيب بكل شي ء... (قال ابن عباس: ما شيت


عمر بن الخطاب يوما فقال لي: يا ابن عباس ما يمنع قومكم منكم و أنتم أهل البيت خاصة؟ قلت: لا أدري. قال: لكني أدري. أنكم فضلتموهم بالنبوة، فقالوا: ان فضلوا بالخلافة مع النبوة، لم يبقوا لنا شيئا، و ان أفضل النصيبين بأيديكم، بل ما أخالها الا مجتمعة لكم و ان نزلت علي رغم قريش) [2] .

و هنا نقول: كيف يري من يجاول تجريد الامام من منصبه في قيادة الأمة، و انكار أحقيته في الخلافة، هذا الامام معصوما كرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نفسه؟ اذ لو أعلن ذلك لكان أول من أدان نفسه و اعترف بخطئه، و هذه نقطة حساسة لابد من الالتفات اليها عند الحديث عن عصمة الأئمة عليهم السلام، كان لابد من التغاضي عن ذلك و اعلان عدم عصمة الامام ليسهل منازعته الأمر و ابرازه كمنافس عادي و امري ء حافل بالعيوب و الأخطاء، كما فعل الأمويون فيما بعد بايعاز مباشر من معاوية نفسه.


پاورقي

[1] من المعلوم أن أباسفيان (أسلم) خلال فتح مکة، بعد انذار العباس له عندما قال له: (و الله لئن ظفر بک ليضربن عنقک)... و عندما أخذه الي رسول‏الله (ص)، أراد عمر ضرب عنقه و قال له (أبوسفيان عدو الله! الحمد لله الذي أمکن منک بغير عقد و لا عهد) الا أن العباس منعنه و أخبر الرسول (ص) أنه أجاره... و قد حاول أبوسفيان التملص من الاعتراف بنبوة الرسول (ص) عندما قال له (ص): (ويحک يا أباسفيان، ألم يأن لک أن تعلم أني رسول‏الله؟ قال: أما هذه فان في النفس منها حتي الآن شيئا. فقال له العباس: ويحک أسلم و أشهد أن لا اله الا الله و أن محمدا رسول‏الله قبل أن تضرب عنقک (فشهد شهادة الحق، فأسلم)...! و عندما مرت أمامه کتائب جيش الرسول في طريقها الي مکة و منها الکتيبة الخضراء و فيها المهاجرون و الأنصار لا يري منهم الا الحدق من الجديد قال أبوسفيان (ما لأحد بهؤلاء قبل و لا طاقة. و الله يا أباالفضل لقد أصبح ملک ابن أخيک الغداة عظيما قال (العباس) قلت: (يا أباسفيان انها النبوة) قال: فنعم اذا) و عندما دخل الرسول (ص) مکة قال) (يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بکم؟ قالوا: خيرا، أخ کريم و ابن أخ کريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء) ابن هشام / السيرة النبوية / مؤسسة علوم القرآن ج 4 / 3 ق 2 ص 412 - 402.

[2] العقد الفريد ص 31 - 30 ج 5 (نفس الطبعة التي أشرنا اليها سابقا).