بازگشت

بين وضوح الاسلام و التواء المنحرفين


ان الوضوح الذي تناول به القرآن الكريم، أمور الاستخلاف علي هذه الأرض و مسؤولية الانسان لمعرفة كل أبعاد هذه المسؤولية، و توضيح كل المهمات البشرية المنطلقة من الفطرة السليمة لتكون منسجمة مع دينه القيم - بمختلف العصور - و المنزل بصيغته النهائية المتكاملة علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، هو الذي يجعلنا ندرك أيضا سر العصمة التي تهيأت لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، ليكون هو نفسه أحد الصور الجميلة، بل خارقة الجمال لهذه الرسالة، و جعلنا ندرك أن مسألة خلافة هذا الرسول - الذي تمتع بقدرات استثنائية مع أنها بشرية - و الذي لم يحاول أن يجني أو يحصل علي أي مكسب شخصي له أو لعائلته الا ما أعطاه الله - أمر ينبغي أن لا ينظر اليه بدافع الهوي أو المصلحة الشخصية المتحيزة، و انه ليس أمرا يراد من ورائه السعي للمغانم و المكاسب الشخصية، و ان علي من يتحملون مسؤوليات الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و مهامه، أن يكونوا قريبين منه و من شخصيته، بل و من أكثر المؤهلين الذين يحملون بعض صفاته؛ و بعبارة: من أشبههم به. فهذه المسؤولية الكبيرة لا يستطيع عملها الا محمد صلي الله عليه و آله و سلم و من هم مثله و علي شاكلته و من أقرب الناس اليه، و القيمومة علي المسلمين لا تكون الا لأكثرهم كفاءة و شبها به صلي الله عليه و آله و سلم.

و الا - فبعيدا عن بعض ما ألفناه من نقاشات و مماحكات لفظية و كلامية - هل نستطيع أن نتجني علي الاسلام، و نقول ان مسألة الحكم فيه لا تختلف عن أي منهج آخر، حتي لو كان (منهجا) فرعونيا أو قيصريا أو كسرويا، أو شكلا مستحدثا، غالبا ما يتخذ أحد صيغ هذه (المناهج) بصيغ (حديثة) معاصرة تعتمد (الديمقراطية) و (ارادة الشعب) لتبرير وجوده و ممارساته؟

ان المنهج الاسلامي عندما يتقارب مع هذه المناهج الغريبة، و يحاول الأخذ عنها و التأثر بها، و يلغي جانبا من أوجه التصور الاسلامي في الحكم و الحياة، فانه يناقض بذلك نفسه، و يؤكد قصوره و عدم قدرته علي ادارة الحياة بامكاناته الخاصة: و يشهد علي نفسه بذلك طالما أنه يستعين بغيره بالأمور الأساسية، و لا يجد في نفسه القدرة للقيام بمهمته لوحده. و طبيعي أن المنهج الاسلامي في الحكم، الذي تمثله السلطات الحاكمة (التي تأخذ مختلف الأشكال و تتسمي بمختلف المسميات)، و هي التي تحاول (التأثر) و الأخذ (الاقتباس)، و ليس المنهج الاسلامي المطروح،


و المطبق في بداية عهد الرسالة من قبل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم. هذا المنهج ليس مسؤولا عن ذلك، الا أن (الأوصياء) و (القيمين) هم الذين تنعكس تصرفاتهم علينا و علي غيرنا - من الغرباء عن عالمنا الاسلامي - سلبا و ايجابا.

انهم بتصرفاتهم تلك و جريهم المحموم خلف تلك المناهج و الصيغ الغريبة، ينسون، بل و يلغون عن عمد البعد الالهي المهم الذي أو كلت اليهم مهام الاستخلاف علي أساسه وحده، و ان أي انحراف عن هذا المنهج، مهما اختلفت الحجج و الذرائع بشأنه غير مبرر و لامقبول علي الاطلاق.