بازگشت

تلفيقات و أقاصيص لتثبيت دعائم الانحراف


غير أن المفارقة الكبيرة التي تطالعنا في ثنايا الحوادث العظيمة التي نالت من


الاسلام و حاولت تدميره، هي قيام من لا يتمتعون حتي بالقيل الأقل من مزايا الرسول القائد صلي الله عليه و آله و سلم و قدراته و صفاته؛ و انما من تقاطعوا معه و اختلفوا مع كل ما حمل من سجايا و صفات و قدرات، بقيادة الأمة الاسلامية الكبيرة علي مر العصور و ادعاء خلافته و حق الامرة و القيومية علي المسلمين، و هو أمر مهم حاولنا تخفيف و طأته، بمحاولة تحسين صور و أشكال و أفعال هؤلاء (الخلفاء) الذين تقاطروا علي سدة الحكم، متذرعين بالحق الالهي المتوارث، الذي يتيح لهم ذلك و (يمنع) الخروج عليهم بأية ذريعة.

و اذا ما غضضنا الطرف عن معظم الحوادث و الأفعال التي نسبت اليهم، فان ما وصلنا عنهم - و لا يكاد الجميع يختلفون عليه - و يكاد المؤرخون يجمعون علي روايته أيضا، و الذي هو من المسلمات و الحوادث التاريخية المعروفة - يجعلنا ندرك، أن عملهم ذاك قد شكل أكبر عملية اختراق للاسلام، بذرائع و حجج، أو جدوها هم، و حاولوا أن يبينوا للناس أن الله أرادها و دينهم دعا اليها.

و قد كانت التلفيقات و الأقاصيص و الأحاديث الكاذبة المفتراة علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أولي الوسائل التي لجأوا اليها، مع ما لجأوا اليه من أساليب أخري لبسط نفوذهم و تعزيزه مثل وسائع القمع و الرشوة بالأموال و المناصب، و اثارة العصبية القبلية و العنصرية التي أو شكت أن تموت في عهد الرسول صلي الله عليه و آله و سلم.

و لم يكونوا يستحيون أن يبينوا - و قد بين ذلك بعضهم فعلا - أن همهم لم يكن الا الحصول علي الملك و السلطان، و انهم غير حريصين علي الاسلام أو الخلافة المقيدة به، أو التي تحكم باسمه فعلا، و بصورة واقعية، و أنهم لم يجعلوا من الاسلام الا ستارا يغطون به علي أعمالهم و ممارساتهم اللامشروعة، و قد أضافوا بذلك الي ظلمهم الناس الذين ابتلعوا بهم، ظلما لهذا الدين و رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و قد أرسلهما الله رحمة لنا جميعا [1] .



پاورقي

[1] فقد (قال معاوية مخاطبا أهل الکوفة... ما قاتلتکم لتصوموا و لا لتصلوا و لا لتحجوا و لا لتزکوا، و قد عرفت أنکم ستفعلون ذلک. و لکن انما قاتلتکم لأتأمر عليکم فقد أعطاني الله ذلک و أنتم کارهون...) - البداية و النهاية - ابن کثير ج 8 ص 134 و قال معاوية (... اني لا أحول بين الناس و بين ألسنتهم مالم يحولوا بيننا و بين ملکنا...) الکامل في التاريخ ابن الأثير / دار الکتب العلمية / بيروت - لبنان ط 1987 1 م. م 3 ص 374.. و هناک أقوال مشابهة (لخلفاء) آخرين سنذکرها في حينها - بعون الله.