بازگشت

الامامة - لا ينال عهدي الظالمين


و في الحوار الذي يدور بين الله عزوجل و بين خليله ابراهيم عليه السلام، الذي عرضه القرآن الكريم علينا في الآية الكريمة (و اذ ابتلي ابراهيم ربه بكلمت فأتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال و من ذريتي قال لا ينال عهدي الظلمين) [1] تحسم المسألة بشكل نهائي، فمهمة الامام ليست مهمة محدودة، و انما هي مهمة قيادية تستهدف تحقيق المهام التي يطلبها الله سبحانه - من الناس.

و اذ أنها تناط بشخص مؤهل مختار من قبل الله سبحانه و تعالي، فانها لم تكن ستناط - بالضرورة - بذريته، اذا ما كانوا ظالمين، و غير مؤهلين لحملها، و بعيدين عن الله سبحانه و تعالي (ان الامامة لمن يستحقونها بالعمل و الشعور، و بالصلاح و الايمان، و ليست وراثة أصلاب و أنساب. فالقربي ليست و شيجة لحم و دم، انما هي و شيجة دين و عقيدة. و دعوي القرابة و الدم و الجنس و القوم ان هي الا دعوي الجاهلية، التي تصطدم اصطدام أساسيا بالتصور الايماني الصحيح قال: (لا ينال عهدي الظلمين). و الظلم أنواع و ألوان: ظلم النفس بالشرك، و ظلم الناس بالبغي. و الامامة الممنوعة علي الظالمين تشمل كل معاني الامامة: امامة الرسالة، و امامة الخلافة، و امامة الصلاة، و كل معني من معاني الامامة و القيادة. فالعدل بكل معانيه هو أساس استحقاق هذه الامامة في أية صورة من صورها. و من ظلم - أي لون من الظلم - فقد جرد نفسه من حق الامامة و أسقط حقه فيها، بكل معني من معانيها) [2] .

غير أن هذا الأمر الذي طلبه ابراهيم عليه السلام لم يطلبه لكل ذريته، بعد أن أفهم أن ذلك لا يتاح للظالمين من هذه الذرية، و انما طلبه لبعضهم المؤهل لهذه الامامة و القيادة و كان من ذريته محمد صلي الله عليه و آله و سلم، الذي أصبح برسالته العالمية الشاملة اماما و قائدا


لكل الناس، و حتي أولئك الذين رفضوا قيادته عن عمد و اصرار و وعي، و أولئك الذين رفضوها بدافع التقليد و المتابعة للآباء و الأهل، دون علم أو وعي، كان عليهم أن يدركوا ابعاد هذه الرسالة، ليقرروا موقفهم علي ضوء ذلك. و لا شك ان هذا الموقف سيكون ايجابيا اذ ما فعلوا ذلك حيث سيؤمنون بها حتما و يسيرون علي هداها.

فالامام هو القدوة الذي (يقودهم الي الله و يقدمهم الي الخير، و يكونون له تبعا و تكون له فيهم قيادة) [3] .


پاورقي

[1] البقرة: 124.

[2] في ظلال القرآن - سيد قطب ج 1 ص 106.

[3] المصدر السابق ص 106.