بازگشت

العلاقة بين المستخلف و المستخلف


هذه العلاقة بين المستخلف و المستخلف، و التي بينها القرآن الكريم بهذا الوضوح الكبير في أماكن متعددة منه، ينبغي أن يتبناها، و يعمل بها، من تصدوا للاستخلاف و تبوأوا مركز الخلافة و قبلوا هذه المسؤولية الجسمية، بل سعوا اليها و تقاتلوا من أجلها. و ينبغي أن لا يعدوها مكسبا شخصيا بأي حال من الأحوال.

اننا لا نجد مبررا لتعطيل (البعد الرابع) أو التجاوز عليه أو (تفسيره) علي أنه مانح امتياز لأناس لا يقبلون أن يشاركهم فيه أحد، بحكم حق الهي مطلق، غير مقيد أو بحكم وجود مؤهلات أو صفات ممتازة مفترضة، اللهم الا اذا كان الذي يحكم، قد استبعد الاسلام أساسا من تصوره و من حياته، و لم يحتفظ الا ببعض المظاهر الخارجية أو القشور التي يزين بها حكمه ليضيف عليه جوا من الشرعية. و في هذه الحالة ينبغي علي من يكتشفوا ذلك، عدم السكوت، و فضح هذا الحاكم الذي (يسطو) علي الاسلام و يحاول سرقة مكتسبات المسلمين بحجته و باسمه.

ان ادراك هذه المسؤولية التي يتحملها من يتصدي للخلافة كأمين علي أمر استؤمن عليه، ترتب مسؤوليات أخري من المراقبة الذاتية الواعية و من المراقبة الشعبية العامة الراصدة المشروعة المقومة عند الشعور باحتمال ظهور أي خلل أو انحراف... و لابد أن يكون هذا الخليفة متمتعا بقدر من الحصانة و القدرة علي حمل هذه الأمانة الثقيلة لكي يؤدي واجبه بدقة و وضوح علي ضوء القرآن و السنة قادرا علي مواكبة التطورات و المستجدات في الحياة، واجدا لكل مشكلة حلا ملائما منسجما مع هذه التطورات و المستجدات.

و لا يصح أن يكون شعور من يتبوأ أعلي مركز في الدولة الاسلامية علي درجة من الضعف و الغباء، بحيث لا يدرك طبيعة العلاقة أو الوضع الذي جاء به الي هذا المركز المسؤول، و ينسي الأساس الذي أقام عليه حكمه، و هو حكم من جاء به و حدد له مشروعية مركزه، بعد أن كان قد تمتع بالامكانات التي تتيح له حمل الأمانة الكبيرة مثل تمكنه من فهم القرآن الكريم، و فهم الاسلام بجملته.

انه يدرك أن السيد و المالك الحقيقي بعباده و أمره هو الله، و ان دوره كخليفة أو امام لهذه الأمة، لابد و أن يتطابق مع (المثل الأول) الذي أنزلت عليه الرسالة لأداء هذه المهمة، و هو رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و مع أن لا أحد يدعي قدرته علي أن


يكون كرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، الا أن المناذج الأخري القريبة و الشبيهة به، و التي تربت في أحضانه و وعت رسالته و تأهلت لحملها و نقلها عبر الأجيال، و حملت أكبر قدر من الفهم و الوعي و الشعور بالمسؤولية، لابد أن تكون هي المرشحة للقيام بهذه المهمة فمن غير المعقول أون يؤدي مهمة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من لا يلتقي معه التقاء تاما في كل جوانب فكره و سلوكه و لا يحمل نفس تصوراته و نظراته لكل شي ء.

ان أقل انحراف من قبل (الخليفة) أو الحاكم الاسلامي عن خط رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يشكل ظاهرة خطيرة، تؤدي لمزيد من الانحرافات من قبل الآخرين، فان لم يتمسك هذا (المؤتمن) بالرسالة و بنودها و مناهجها، و تساهل بها أو بجانب من جوانبها، فكأنه يوحي بذلك - للآخرين - ببطلانها أو عدم مشروعيتها. و بالتالي عدم مشروعية وجوده هو علي رأس السلطة كخليفة أو راع أو امام أو أميرالمؤمنين.

انه يزيد بتجاهله بعض بنود الرسالة الاسلامية مبررات بقائه علي سدة الحكم و يفقد المشروعية التي تؤهله لذلك؛ لأنه يتناسي المستخلف الذي جلس ليحكم بين الناس باسمه، و هو الله سبحانه و تعالي، الذي لم يعط لأحد من البشر صلاحية حذف أو تجاهل أي حكم من أحكامه.