بازگشت

اهداف واضحة عودة الي عهد رسول الله


و هكذا فان الامام الحسين عليه السلام وضع أمام أهل العراق في رسالته الأولي اليهم قبل مسيره مهمات الخليفة أو الامام، لكي يلمسوا بأنفسهم، و يروا الي أي مدي قد


ابتعد من تصدي لهذه المسؤولية عن خطها الحقيقي و مضمونها و متطلباتها الأساسية. (فلعمري ما الامام الا العامل بالكتاب و الآخذ بالقسط و الدائن بالحق و الحابس نفسه علي ذات الله...) تاريخ الطبري (تاريخ الأمم و الملوك) - أبوجعفر محمد بن جرير الطبري دار الكتب العلمية - بيروت لبنان -دار الباز - مكة المكرمة ط 1407 1 ه 1987 م 32 ص 278.@ فبهذه الشروط يكون قد أدي دور الخلافة، و اذا ما خرج عنها فانه يكون - حينذاك - عبدا لهواه و مصالحه و شهواته و يكون قد خرج عن حدود المسؤوليات التي ألزمه بها الله سبحانه و تعالي.

و قد استمر الامام عليه السلام - في خطبة التالية و لقاءاته مع أصحابه و مع الجيوش التي أو فدت لمحاربته و قتله أو اجباره علي الاستسلام ليزيد، بايضاح مهمات من يتصدي لامامة المسلمين و قيادتهم، و كان عليه السلام في كل خطبة يؤكد علي أمر مهم و هو اصطفاء الله لنبيه محمد صلي الله عليه و آله و سلم لامامة البشرية و قيادتها، و القيام بارساء نظام للحكم يتولي فيه مسؤولية الخلافة علي أساس الالتزامات و المواثيق و السنن الالهية التي أوردها القرآن الكريم، و جسدها الرسول صلي الله عليه و آله و سلم نفسه في سنته الشريفة لتكون أساسا دائميا لكل حكم اسلامي مرتقب، قائم علي ما قام عليه حكمه صلي الله عليه و آله و سلم للدولة اسلامية الأولي.

و لا شك أن أحدا - مهما بلغت به الوقاحة - لا يستطيع أن يعلن تحديه السافر لما حكم به رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أمضاه، و لا يستطيع أن يلوح بأي لون من ألوان الشك تجاه تصرفاتته صلي الله عليه و آله و سلم و سننه المطهرة، أو اتجاه القرآن الكريم، و الا كان قد أدان نفسه و حكم عليها بالخروج المعلن عن الاسلام، و استفز المسلمين بأجمعهم حتي أبسطهم وعيا و أقلهم علما.

فقد شاء الله أن تجتمع الأمة علي محمد صلي الله عليه و آله و سلم و أن لا يختلف عليه اثنان، و أن يدعي حتي مبطلوها تمسكهم به و بنهجه، و ان راحوا - في غمرة انسياقهم مع الباطل - يضعون علي لسانه، و يروجون أحاديث و روايات ملفقة، تبرر باطلهم و انحرافهم و تصرفاتهم المشينة.

أراد الحسين عليه السلام أن يضع أمامهم صورة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم ليروه كما رآه الأوائل من صحابته، الذين عاصروه و عاشوا معه، أراد أن يذكرهم به و يوضح لهم ابعاد تلك الشخصية التي أحبوها و جعلوها رمزا لايمانهم و اخلاصهم، كما أراد أن يذكرهم بأن


هذا الذي يدعون التمسك به و السير علي نهجه و الأخذ بما جاء به، انما هو جده و حبيبه و أقرب الناس اليه، و أنه عليه السلام أجدر - بما يملك من علم و أخلاق و عدالة و شعور بالمسؤولية و معرفة تامة بدين جده صلي الله عليه و آله و سلم الذي رباه و أعده بعد ذلك، ليعيش في كنف أبيه عليه السلام و علمه الغزير و حياته الحافلة - أن يحمل شرف مسؤولية الخلافة، و أن ينقاد له الجميع و يسيروا وراءه، يحملون شعلة الاسلام و نوره الي كل بقاع الأرض، علي أساس واضح مبين، لا يقيم سلطة طاغوتية، و انما يركن الي حكم الاسلام و يرسي دعائمه القوية، لتظل قائمة الي الأبد، لا تتحطم أو تزول عند أقل حدث أو طاري ء، أراد أن يذكرهم بعهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الي أمته، التمسك بكتاب الله، و أهل بيته، حتي لا تميل هذه الأمة، أو تنحرف مع الأهواء و الأطماع و السياسات الفرعونية و القيصرية و الكسروية، و يضعهم أمام مسؤولياتهم الكبيرة لتقويم الانحراف الذي و جدوا أنفسهم ينساقون اليه، بل و ساهم بعضهم في ايجاده، (ان الله اصطفي محمدا صلي الله عليه و آله و سلم علي خلقه و أكرمه بنبوته و اختاره لرسالته، ثم قبضه الله اليه. و قد نصح لعباده و بلغ ما أرسل به صلي الله عليه و آله و سلم. و كنا أهله و أولياءه و أوصياءه و ورثته و أحق الناس بمقامه في الناس...) [1] ، و سنذكر - بعون الله - نماذج أخري من أقواله عليه السلام تشير لنفس الغرض.


پاورقي

[1] المصدر السابق ص 280 و راجع البداية و النهاية.. لأبي الفداء الحافظ ابن کثير الدمشقي - دار الکتب العلمية - بيروت - لبنان 42 ج 8 ص 159.