بازگشت

المدرسة الانتهازية الأموية أساس دول الظلم


و قد عملت هذه المدرسة (المعاوية: الانتهازية الماكرة)، و التي سبقت


(الميكاقيلليه) بقرون عديدة، علي أن تظهر (ثورة الحسين) - فيما بعد - و كأنها تمرد (شيعي) محدود، انتهج القائمون بها منهج علي عليه السلام في (التهافت) علي كرسي الحكم و الرغبة في السلطة لا غير، و قد عرضت أميرالمؤمنين نفسه كمولع بل عاشق للسلطة، أمام أنظار أهل الشام - علي الخصوص - الذين تأثروا بمعاوية الي حد بعيد، و تلقوا فهمهم للاسلام و تصوراتهم له، من خلافه، و بررت مواقف يزيد و أعوانه من هذه الثورة، كما بررت حمامات الدم التي قامت بها تلك الطغمة، في الطف و المدينة و في أماكن أخري فيما بعد، بأغطية الشرعية و الرغبة في الحفاظ علي وحدة المسلمين أمام الأعداء المتربصين بهم من فرس و روم و غيرهم، و منع المرج و الفتن.

و من الطبيعي أنهم ما كانوا ليعترفوا بابتعادهم - هم أنفسهم - عن الخط الاسلامي الواضح، في غمرة المكاسب الهائلة التي حصلوا عليها، و انهماكهم و اقبالهم علي لذات الحياة و مباهجها و نعيمها، تلك التي لم يشهد لها آباؤهم مثيلا من قبل، و لم يحملوا أنهم سيحيون حياة مثلها، و ما نحسب أنهم كانوا سيتنازلون عنها بسهولة لأي شخص مهما علت منزلته، حتي و لو كان الامام الحسين عليه السلام، أو حتي لو كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نفسه، بل كانوا سيدافعون (المكاسب) التي حصلوا عليها (بكدهم و جهدهم و نضالهم) و صراعهم المرير المتواصل و حسن دهائهم و سياستهم و تصرفاتهم. و لم يكن الاسلام الا واجهة جميلة تزين عروشهم لتسر الناظرين، و هم هنا الجماهير الاسلامية المظلومة المغلوبة.

و الا كيف يبرر من يريد الآن قيام دولة اسلامية، الدفاع عن معاوية أو يزيد و (منهجهما) في الحكم. و هذا (المنهج) يعلن بشكل واضح تقاطعه و افتراقه عن الاسلام، و لم يتخذاه الا غطاء لشرعية حكمهما و ديمومته، كما فعل الكثيرون من (الخلفاء) و الحكام بعدهما. بل لعل تصرفات بعض هؤلاء الحكام الشخصية أفضل بكثير من تصرفات يزيد المعلنة و المنافية للاسلام بشكل واضح و صريح.

و نعيد ما سبق أن قلناه: لابد من التعمق في البحث و الدرس لمعرفة الدوافع الحقيقية الكامنة وراء قيام هذه الثورة و بالأسلوب و الشكل الذي قامت به، و لابد من معرفة أن المذاهب و الطوائف الاسلامية لم تعرف الا بعد سنوات طويلة من قيامها، و لابد أن ننظر اليها من زاوية تختلف عن الزاوية التي نظر فيها أعداؤها الأمويون اليها، و الذين حاولوا أن يلغوا مبررات قيامها من الأساس.


ان أكبر عمر تخريبي ضد الاسلام هو الذي قامت به (المدرسة الأموية المعاوية) بافتعال معارك و همية بين المسلمين أنفسهم، و اتاحة الفرصة لأعدائهم الحقيقيين لكي يستعيدوا قواهم أمام المد الاسلامي الأول، و مطاولة النزال بينهم و بين المسلمين المتخلفين المتناحرين فيما بينهم الي يومنا هذا.

كما أن أكبر انتصار حققه أعداء الاسلام، و خصوصا الصليبيون، أتاحه لهم معاوية الذي أذكي نار العداوة و البغضاء بين المسلمين في سعيه المحموم لكسب (الخلافة) و الملك له و لأفراد عائلته المتمردة علي قوانين الاسلام و تعاليمه.