بازگشت

دراسات المستشرقين لم تقم علي فهم حقيقي للاسلام


ان دراسات أولئك المستشرقين و الغرباء عن الاسلام (دوله) و (مؤسساته) القديمة لم تقم علي فهم حقيقي له، و الأمر نفسه مع العديد من المسلمين أنفسهم، الذين فقدوا - بتقادم العهد مع ذلك الزمن الأول، ثقتهم بقدرة هذا الدين علي قيادة الحياة، بعد أن انفصل عنها ذلك الانفصال الطويل بفعل الهجمة الأموية الشرسة، و المؤامرة اللئيمة الماكرة عليه، و ما رافقها من عوامل (مساعدة)، عملت عملها لتعزيز هذا الانفصال، و اظهاره علي أنه هو القاعدة، و أن الاستثناء، كان هو الفترة التي تمكن فيها من قيادة الحياة قيادة فعلية زمن الرسول الكريم صلي الله عليه و آله و سلم! و ان ذلك كان متعذرا لو لا وجوده صلي الله عليه و آله و سلم علي رأس القيادة. و قد لا يتاح مرة أخري ما دام صلي الله عليه و آله و سلم قد توفي و اختفي عن الساحة، الا بوضع اللمسات (العملية) و ممارسات الحكم (الواقعية)، و التي وضع الحكم الأموي أساسها كما أوضحنا في هذا التمهيد أو الأنظمة التي لا تمت الينا بصلة، تلك الأنظمة المنسوخة و المقتبسة من الأنظمة اليونانية أو الرومانية و الفارسية القديمة أو غيرها.

ان في ذلك - بالتأكيد - اشارة واضحة الي أن الاسلام (مملكة) لا وجود لها الا في الخيال، و أنه كالمسيحية و اليهودية و غير هما، يجب أن يوضع علي هامش الحياة، و يبتعد عن شؤون الدولة و الملك، اللذين تفضلا فجعلاه أحد الشعارات الجميلة، و زينة يتزينان بها، كما يتزينان باحدي التمائم التي تحفظ من الوقوع في المشكلات و المتاعب و التعرض للموت و الأذي، و فيه اشعار لنا بأن ننبذ فكرة قدرة الاسلام علي حكم الحياة و توجيهها، و أن نكتفي منه بالمظاهر الطقوسية و بعض القيم الأخلاقية،


و في هذا ما فيه من قتل لكل تطلع مشروع لهذه (الفكرة) التي أريد لها أن تولد ميتة منذ البداية، و ليس لأحد أن يفكر فيها أو يطمح بجعلها قابلة للتنفيذ.