بازگشت

هل النموذج الأموي أكثر فائدة و واقعية من النموذج المحمدي العلوي


و لا يمكن دراسة ثورة الحسين عليه السلام بمعزل عن الأحداث و الظواهر العديدة التي عملت علي ايصال المجتمع الاسلامي الي ما وصل اليه من تأخر، و حرفه بشكل حاد عن رسالته و مهماته التي كان من المتوقع أن يقوم بها لو لم تقع تلك الأحداث. فاستعراضها علي أسس منطقية و موضوعية غير متحيزة، كفيل بالاجابة عن الكثير من التساؤلات عن هذه الثورة و أهدافها و مهماتها و النتائج العظيمة التي حققتها، كما أنه كفيل بتمكيننا من الوقوف علي النظرة الاسلامية الصحيحة في الحياة و الحكم و الخلافة، و التي حاولت الأطروحات الأموية و العباسية و غيرها فيما بعد، أن تحتويها و تؤطرها وفق رغبات و مصالح الحكام و الساسة الذين أصبحوا نماذج (عربية) و (اسلامية)، تمثل هي - لا غيرها - الاسلام، ما دامت قد استطاعت أن تثبت (جدارتها) و (واقعيتها) و (قدرتها) علي ممارسة الحكم بشكل فعلي (ناجح) لفترات طويلة من الزمن، وفق معايير و مقاييس (السياسة) و الدهاء و البراعة، و الافادة من التراث (الانساني)، الفارسي أو الروماني، و غيرهما، الخاص بشؤون الحخكم، و لا الاسلامي فقط، و لا يهم ان لم تكن له علاقة بالاسلام نفسه، ما دام يعزز من الخبرات الخاصة بممارسة الحكم و يساعد علي تثبيت دعائمه و (يسوس الرعية) بشكل ملائم، و قد رأينا كيف أن معاوية قد عمد الي دراسة الأساليب القديمة و الاطلاع عليها بشكل يومي مستمر، و كذلك فعل المنصور بعده، و غيرهما من (الخلفاء) فيما بعد.

و من هنا جاءت النظرة التي تقول، بعد أن حقق هذا النموذج نجاحا (ساحقا) علي مر العصور، بعدم واقعية و جدوي النموذج الاسلامي الأول الذي مثلته قيادة الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم، و بأنه خيالي لا مثالي لا يصلح للحياة، ما دام لم يستمر و لم يدم فترة طويلة بعد وفاته، يتحكم في هذه الحياة و يقودها و يوجهها، لقد عمل أعداؤه علي أن تتقاطع ممارساتها اليومية الكثيرة مع هذا النموذج الأول. و صوروه علي أنه


شي ء لا يمكن تطبيقه الا مع وجود الرسول صلي الله عليه و آله و سلم نفسه، فظل حلما في أذهان الكثيرين، و ظلت اعادته مهمة صعبة أخذ علي عاتقه القيام بها من فهم الاسلام فهما صحيحا واعيا و امتلك التصور المتكامل عنه.

و أخذ غير المسلمين - من المستشرقين و غيرهم - الأمر علي هذا الأساس، بعد أن رؤوا أن من مصلحتهم أن يأخذوه كذلك. و كانت خلفياتهم، و طبيعة (أديانهم) و أنظمة الحكم التي عاشوا في ظلها، تتناسب مع ما أظهروه من تصورات و أفكار، استلهمناها! - نحن المسلمين - و أخذناها بشكل جاهز، و طبلنا لها و زمرنا، و ادعي بعضنا أنها من بنات أفكاره و من اكتشافاته.