بازگشت

المأساة كيف ينتظر الدم


ان كثيرين نظروا الي الثورة من جانبها المأساوي البحت، الذي تمثل بقيام الطغمة الحاكمة باعداد جيش كبير لا بادة سبط الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و صحبه، و التمثيل


بجثثهم، و قطع رؤوسهم و الطواف بها، و حرق مخيمهم و سلب ممتلكاتهم، و التنكيل بأطفالهم و نسائهم، قاطعين الحدث عن مسبباته و نتائجه، و غابت عنهم جوانب كثيرة من الوقفات الشجاعة للحسين و صحبه و حتي النساء و الأطفال، خلال المعركة و بعدها، و حتي عندما أخذ الأطفال و النساء أسري لابن زياد في الكوفة و يزيد في الشام، مدركين أنهم لابد أن يؤدوا هذا الثمن الباهظ في سبيل هذه المهمة الكبيرة.

كما غابت عن الكثيرين المعطيات العظيمة التي لا تنفد و التي يمكن استخلاصها من تلك المواقف الشجاعة النادرة، و نتائج تلك الثورة العملاقة، و لعل سر قوة هذه الثورة تكمن خلف تلك الوقفة الباسلة المصممة الي جانب الحق، مع معرفة النتيجة، و هي الموت المحقق الأكيد. انها تحفز الذهن البشري للتساؤل دائما عن سر تلك القوة التي امتلكتها تلك النفوس المنتصرة و هي تواجه كل قوي الشر المتحفزة للانقضاض عليها. انها تجعلنا نفكر: كيف جاز للبعض أن يعتبرها هزيمة، مع كل ما حققته من نصر.

لقد صمد الحسين عليه السلام و سار دون تردد، و لم يهزم أمام المخاوف البشرية العادية، و قد طالعته التهديدات و التحذيرات المختلفة طيلة سيره من المدينة الي الكوفة، مرورا بمكة، و قد انتصر علي تلك المخاوف، كما انتصر أصحابه، و أثبت للأمة أن التضحية بالحياة لا تشكل خسارة كبيرة أمام النتائج المتوقعة، بل ان حفنة متبقية من سنين العمر، لا تعد شيئا ذا بال أمام ما سوف يتحقق.

و هكذا فليس لنا أن نناقش قضية انتصار الامام عليه السلام من وجهة نظر غير اسلامية، لا تري ما يراه المسلمون، و أن نستعمل أدواتنا الخاصة في الدراسة و النظر و علينا أن نستعير أدوات غيرنا قبل أن نتأكد من صلاحية و سلامة الأدوات التي نستخدمها و التي تخصنا نحن، و ليس فيها ما يثبت عدم قدرتها علي تلبية حاجاتنا و اجابة مطالبنا، بل لعل أولئك الذين لم يكتشفوها بعد هم الأكثر عجزا عن فهم هذا الدين.