بازگشت

لا خيار الا التضحية


و علينا أيضا أن نطرح تساؤلات عديدة أخري، و نفرد لها مباحث خاصة:

هل أن الخيارات كانت مفتوحة أمام الامام الحسين، لتخذ أحدها كأسلوب بديل لمواجهة السلطة الأموية المستبدة، أم أنه كان لا يملك الا أن يقوم بما قام به؛ فأما البيعة ليزيد و الاقرار له بالحاكمية المطلقة بدلا من حاكمية الاسلام، و أما الثورة عليه و سلوك طريق التضحية و الفداء و الاستشهاد بالشكل الذي تم فيه، في هذه العملية البطولية النادرة الملفتة للنظر و المثيرة للانتباه دائما بما حفلت به من معطيات كبيرة، فقد قام من ينبغي أن يكون الخليفة الشرعي للمسلمين و ولي أمرهم، بتقديم نفسه و أهل بيته و أصحابه قربانا من أجل قيام الخلافة الشرعية، و من أجل وقف انحدار المجتمع الاسلامي برمته نحو الهاوية التي وضعه معاوية علي حافتها، و لم يهمه أن يكون هو الضحية، مادام سيحفظ بذلك الأسس و القواعد التي تجعل من هذه الخلافة مشروعا قائما و مستمرا أمام مستحقيها، و أمرا مستحيلا أمام كل من لا يستحقها و لا


يمتلك المؤهلات اللازمة لتوليها. و ما دام بذلك يوقف الانحدار و ينبه الأمة الي نتائجه الحتمية.

ان وقفته تظل ماثلة علي الدوام، تنبه دائما من غفل عن حقائق الاسلام و مبادئه، و تدعوا الي الرجوع اليه و انتهاج خطه و طريقه. هذا ما يجب أن نتأكد منه عند تناولنا هذه المسألة الحساسة التي ذهب فيها المؤرخون و المفكرون مذاهب شتي.

ثم ان مسألة أخري مهمة ينبغي أن تطرح قيد البحث، و هي: من الذي استفاد من عطاءات هذه الثورة التي أعادت للمسلمين عزيمتهم و شموخهم و للاسلام حياته و قوته؟ و من هو المدين لها حقا..؟ هل هم الذين اتخذوا التشيع و نهج آل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم مذهبا لهم؟ أم أنهم كافة المسلمين المتصدين للأنظمة الطاغوتية التي اتخذت النموذج (اليزيدي الأموي) مثالا لأساليبها و طرائقها في الحكم و الحياة...؟.

و لماذا يقف العديد من أبناء الأمة الاسلامية، من كل المذاهب، أمام هذا النموذج الأموي المتجدد و الماثل أمامهم بصيغ و اشكال مختلفة، مضحين بكل ما يملكون...؟ أليس من أجل اعادة قيام الاسلام ثانية، و من أجل تشذيبه و تطهيره من كل الشوائب التي علقت به عبر هذه القرون الطويلة؟

لو لم يتصد الحسين عليه السلام ليزيد لما تصدي أحد بعده لأمثال يزيد.