و قد ختمت كتابي هذا بأبيات ابن زيدون المغربي فهي تنفذ في كبد المحزون
(في النسخة الحجرية «السمهري خ ل» و هو خطأ، و هو خطأ، و السمهري: الرمح الصليب العود لسان العرب 380:4)
بنتم [1] و بنا فما ابتلت جوانحنا
شوقا إليكم و لا جفت مآقينا
تكاد حين تناجيكم ضمائرنا
يقضي علينا الأسي لو لا تأسينا
حالت لبعدكم أيامنا فغدت
سودا و كانت بكم بيضا ليالينا
ليسق عهدكم عهد السرور فما
كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
من مبلغ الملبسينا بانتزاحهم
ثوبا من الحزن لا يبلي و يبلينا
إن الزمان الذي قد كان يضحكنا
أنسا بقربكم قد عاد يبكينا
غيظ العدي من تساقين الهوي فدعوا
بأن نغض فقال الدهر: آمينا
فانحل ما كان معقودا بأنفسنا
و أنبت ما كان موصولا بأيدينا
و لا نكون و لا يخشي تفرقنا
و اليوم نحن و لا يرجي تلاقينا
لا تحسبو نأيكم عنا يغيرنا
إن طال ما غير النأي المحبينا
و الله ما طلبت أهواؤنا بدلا
منكم و لا انصرفت عنكم أمانينا
لم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم
رأيا و لم نتقلد غيره دينا
يا روضة طال ما أجنت لواحظنا
وردا جلاه الصبي غضا و نسرينا
و يا نسيم الصبا بلغ تحيتنا
من لو علي البعد حيا كان يحيينا
لسنا نسميك إجلالا و تكرمة
و قدرك المعتلي في ذاك يكفينا
إذا انفردت و ما شوركت في صفة
فحسبنا الوصف إيضاحا و تبيينا
لم نجف أفق كمال أنت كوكبه
سالين عنه و لم نهجره قالينا
عليك منا سلام الله ما بقيت
صبابة بك نخفيها فتخفينا
و إلي هاهنا انتهت مقاصدنا، و علي الله جل جلاله في المكافأة معتمدنا و إليه ملاذنا و مردنا، و نسأله أن لا يخلي قارئيه و مستمعيه من لطفه و يقربنا و إياهم من عفوه و عطفه، و يجعل حزننا عليهم و جزعنا لهم دائما لا يتغير، و عرفا لا يتنكر حتي نلقي محمدا صلي الله عليه و آله و قد واسيناه في أهل بيته بالمصاب و البعد عن ظالميهم و الاغتراب و إن كان فينا من استهوته الغفلة و استغوته الإساءة عن لبس شعار الأحزان و إسالة الدمع الهتان حتي فارق هذا المقام و يداه صفر من عطائك، خالية من رجائك.
فأسهم اللهم له من ثواب الباكين ما يوصله إلي درجة الخاشعين.
و احشرنا مع النبيين و المرسلين و الصديقين و في زمرة الشهداء و الصالحين.
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
پاورقي
[1] بعدتم.