مقتل العباس بن علي
ثم (اقتطعوا العباس) [1] عنه و أحاطوا به من كل جانب و قتلوه، فبكي الحسين عليه السلام لقتله بكاء شديدا.
و قد قلت هذه الأبيات حين فرق بينهما سهم الشتات:
حقيقا بالبكاء عليه حزنا
أبوالفضل الذي واسي أخاه
و جاهد كل كفار ظلوم
و قابل من ضلالهم هداه
فداه بنفسه لله حتي
تفرق من شجاعته عداه
و جادله علي ظمأ بماء
و كان رضي أخيه مبتغاه
ثم إنه عليه السلام دعا الناس إلي البراز، فتهافتوا إليه و انثالوا عليه فلم يزل يقتل كل من برز إليه حتي أثر في ذلك الجيش الجم [قتله] [2] و هو يقول:
القتل أولي من ركوب العار
و العار أولي من دخول النار
قال عبد الله بن عمار بن عبد يغوث: ما رأيت مكثورا [3] قط قد قتل ولده و أهل بيته أربط جأشا منه و إن كانت الرجال لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عنه انكشاف المعزي شد فيها السبع و كانوا ثلاثين ألفا فيحمل عليهم فينهزمون كأنهم الجراد المنتشر ثم يرجع إلي مقامه [4] .
فكان عليه السلام كما قال الشاعر:
إذا الخيل جالت في القنا و تكشفت
عوابس لا يسئلن غير طعان
و كرت جميعا ثم فرق بينهما
سعي رمحه فيها بأحمر قان
فتي لا يلاقي الرمح إلا بصدره
إذا أرعشت في الحرب كف جبان
و لم يزل يقاتل حتي جاء شمر بن ذي الجوشن فحال بينه و بين رحله.
فقال عليه السلام: رحلي لكم عن ساعة مباح فامنعوه جهالكم و طغاتكم و كونوا في الدنيا أحرارا إن [5] لم يكن لكم دين.
و يعز علي محبي العترة الطاهرة كيف تصير أموالهم فيئا للأمة الفاجرة.
و إلي هذا المعني أشرت بشعري المقول في آل الرسول:
و لما طعنتم نازحين و ضمكم
مقام به الجلد العزيز ذليل
و صرتم طعاما للسيوف و لم يكن
لما رمتموه منهج و وصول
و أموالكم في ء لآل أمية
و بدركم قد حان منه أفول
تيقنت أن الدين قد هان خطبه
و أن المراعي للنبي قليل
پاورقي
[1] عنه في البحار:50:45 و عن ارشاد المفيد: 269 و عن اللهوف:49.
[2] من النسخة الحجرية.
[3] مغلوبا أو الذي کثر عليه الناس فقهروه.
[4] أخرجه في البحار: 50:45 عن اللهوف: 49.
[5] في النسخة الحجرية: خ ل «اذا».