خروج علي بن الحسين و مقتله
فلما لم يبق معه إلا الأقل من أهل بيته خرج علي بن الحسين عليه السلام و كان من أحسن الناس وجها و له يومئذ أكثر من عشر سنين فاستأذن أباه في القتال فأذن له و نظر إليه و أرخي عبرته ثم قال: اللهم اشهد أنه قد برز إليهم غلام يشبه رسول الله خلقا و خلقا و منطقا. فقاتل و هو يقول:
أنا علي بن الحسين بن علي
نحن و بيت الله أولي بالنبي
و الله لا يحكم فينا ابن الدعي
فقاتل قتالا شديدا، و قتل جمعا كثيرا.
ثم رجع إلي الحسين عليه السلام و قال: يا أبه العطش قتلني و ثقل الحديد قد أجهدني [1] فبكي و قال: وا غوثاه قاتل قليلا فما أسرع الملتقي بجدك محمد صلي الله عليه و آله و يسقيك بكأسه الأوفي. فرجع إلي موقف نزالهم و مأزق مجالهم فرماه منقذ بن مرة العبدي فصرعه و احتواه القوم فقطعوه فوقف عليه السلام [عليه] [2] و قال: قتل الله قوما قتلوك فما أجرأهم علي الله و علي انتهاك حرمة الرسول. و استهلت عيناه بالدموع ثم قال: علي الدنيا بعدك العفا.
و خرجت زينب أخت الحسين تنادي «يا حبيباه» و جاءت فأكبت عليه فأخذها الحسين فردها إلي الفسطاط.
و كانت عترة [3] الحسين في طعانهم و نجابتهم و الإقدام علي الكماة و شجاعتهم [4] كما قال الشاعر ابن حيوس:
و خطية يلقي الردي تبعا لها
إذا مرقت في الأسد منها الثعالب
أسافلها في أبحر من أكفهم
طمت و أعاليها نجوم ثواقب
تضي ء مثار النقع و هي طوالع
و تبني منار العز و هي غوارب
پاورقي
[1] في النسخة الحجرية: جهدني.
[2] من النسخة الحجرية.
[3] في النسخة الحجرية: عمرة.
[4] أخرج نحوه في البحار:43:45 عن مقاتل الطالبيين:76.